للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديثان وإن كان فيهما المقال المتقدم، لكن هذه البيوع منها ما ورد فيه أدلة أخرى صحيحة، ومنها ما هو داخل في عموم حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - المتقدم -: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر) رواه مسلم.

وبهذا يمكن أن نقول: بأن جميع ما ورد في الحديثين قد ثبت النهي عنه، إما صراحة بأدلة مستقلة، وإما ضمنًا لدخوله في عموم أحاديث النهي عن بيع الغرر، وهذه الأنواع هي:

الأول: شراء ما في بطون الأنعام حتَّى تضع، والمراد بذلك بيع الحمل في بطن أمه، وهذا هو بيع الملاقيح المنهي عنه، على تفسير أكثر العلماء.

وعلة النهي عنه ما فيه من الغرر من جهتين:

الأولى: الجهالة، فإنها لا تعلم صفته ولا حياته، ولا يدرى هل يخرج أو لا يخرج، وإذا خرج لا يدرى أيكون تامًّا أم ناقصًا، ذكرًا أو أنثى؟! وهذا كله يتفاضل بالقيمة.

الثانية: تعذر تسليمه في الحال. وأحد هذين الأمرين يفسد العقد، فإذا اجتمعا تأكد النهي وفساد العقد.

الثاني: بيع ما في ضروع الأنعام، وهو اللبن، وعلة النهي ما فيه من الغرر بسبب جهالة المقدار، إذ قد يرى امتلاء الضرع من السِّمَن فيظن أنَّه من اللبن فيحصل النزاع، كما أن فيه الجهالة بصفته، لأن الألبان تختلف في جودتها وخفتها وحلاوتها.

أما شراء اللبن وبيعه كيلًا أو وزنًا، بأن يتعامل المشتري مع صاحب أبقار على مقدار معين كل يوم مثل: مائة كيلو، فهذا جائز إذ لا غرر في ذلك من جهة المقدار؛ لأن البائع إذا لم يفِ بالمقدار المطلوب فإن المشتري يدفع من الثمن بمقدار ما أخذ.

الثالث: بيع العبد وهو آبق، والآبق: هو العبد الهارب من سيده، فلا يجوز بيع العبد الآبق ونحوه كالجمل الشارد، والمال الضائع.

وعلة المنع هي عدم القدرة على تسليمه، وظاهر الحديث أنَّه لا فرق بين

<<  <  ج: ص:  >  >>