للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمراد هنا: تقدير ما على النخيل من الرطب تمرًا، بأن يقول الخارص: هذا الرطب إذا صار تمرًا فهو يقارب خمسين صاعًا، أو مائة وخمسة عشر كيلو -مثلًا- فيدفع المشتري التمر بهذا المقدار، ويعطيه البائع النخلة التي عليها الرطب، ولا بد من التقابض في مجلس العقد، فالتمر على رأس النخلة بتخليته، وعوضه من التمر بكيله وقبضه.

قوله: (كيلًا) تمييز، والمعنى: أنه رخص في بيع الرطب على رؤوس النخل خرصًا بقدر كيله من التمر؛ لأن التمر مكيل.

قوله: (بخرصها تمرًا) أي: بقدر ما فيها إذا صار الرطب تمرًا، وهذا بيان لكيفية الخرص، وتمرًا: تمييز؛ أي: من التمر.

قوله: (يأكلونها رطبًا) منصوب على الحال، والرطب: -بضم الراء وفتحها-، ما فيه رطوبة من جميع الثمار، من نخل وغيره كالعنب والتين وغيرهما، وهو ضد اليابس الجاف.

والرطب هنا: ما أدرك ونضج قبل أن يتتمَّر.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم بيع الثمر على النخل، وهو الرطب بتمر مثله، وهذا هو بيع المزابنة المنهي عنه بالاتفاق، وهو بيع التمر على رؤوس النخل بتمر كيلًا، كما تقدم. وقد نقل النووي الاتفاق على تحريمه وأنه ربا (١) ومأخذ التحريم من قوله: (رخص).

* الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز بيع العرايا، وهو بيع رُطَبٍ بتمر يابس، وهذا مذهب الجمهور، وهو مستثنى من بيع المزابنة المنهي عنه، وقد ورد في حديث جابر - رضي الله عنه -: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا" (٢).

لأنه إذا باع الرطب على رؤوس النخل بتمر جاف فقد خفي التساوي من وجهين:


(١) "شرح صحيح مسلم" (١٠/ ٤٤٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٨٩)، ومسلم (١٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>