شريح بن هانئ، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب، فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فسألناه، فقال: … فذكر الحديث، دون قوله:(يعني في المسح على الخفين) فهي مدرجة، والظاهر أنها من كلام الحافظ ابن حجر.
الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:
قوله:(كان يأمرنا) أي: يبيح لنا، فالأمر هنا للإباحة، لا لأصله، وهو الوجوب، والصارف له عن الوجوب هو الإجماع على أن المسح مباح لا واجب.
قوله:(إذا كنا سَفْراً) بفتح السين وإسكان الفاء، وهو اسم جمع لمسافر، أي: مسافرين، وليس جمعاً، إذ ليس في الجموع ما هو على وزن (فَعْل) وهو في الأصل مصدر: سَفَر الرجل سفْراً، من باب ضَرَبَ ضرباً فهو سافر، والجمع سَفْر، مثل: راكب ورَكْب.
قوله:(إلا من جنابة) أي: فننزعها ولو قبل مرور ثلاثة أيام، والجنابة: إنزال المني، سمي بذلك لأن المني بَعُدَ عن محله وانتقل عنه، والجنابة في الأصل: البعد.
قوله:(ولكن من غائط وبول ونوم) لكن: للاستدراك؛ لأنه تقدم نفي واستثناء، وهو قوله:(كان يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة)، أي: ننزعها من جنابة، ثم قال:(ولكن من غائط .. ) فاستدركه بـ: لكن؛ ليعلم أن الرخصة إنما جاءت في هذا النوع من الأحداث دون الجنابة، والمعنى: ولكن لا ننزعها من غائط وبول ونوم إلا إذا مرت المدة المقدرة، وفي لفظ للنسائي:(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا، ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم إلا من جنابة)(١)؛ أي: لكن ننزع من جنابة، فالاستثناء منقطع، أو معنى قوله:(من غائط وبول … )؛