للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجوز، بل هي من حسن القضاء كما تقدم، كما يخرج من عمومه المنفعة المشروطة للمقترض، كاشتراط الوفاء بالأقل، أو اشتراط أجل معين لوفاء القرض على القول بالجواز، ويبقى هذا النص أو الإجماع في المنفعة المشروطة للمقرض.

والحديث وإن كان ضعيفًا جدًّا كما تقدم، فإن ما ورد عن الصحابة - رضي الله عنهم - من موقوفات تشهد له، وتدل على أن معناه صحيح. وقد نقل ابن المنذر الإجماع على مقتضاه، فقال: (أجمع العلماء على أن المسلف إذا شرط عُشْرَ السلف هدية أو زيادة، فأسلفه على ذلك أن أخذه الزيادة ربًا) (١).

وقال ابن عبد البر: (كل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربًا، ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إذا كان بشرط) (٢).

ويدخل في الحديث اشتراط المقرض أيّ عمل يجر إليه نفعًا، كأن يسكنه المقترض داره مجانًا، أو يعيره سيارته، أو يعمل له كذا، أو غير ذلك من وجوه الانتفاع.

أما الهدية للمقرض، فهي موضع خلاف بين أهل العلم، والأظهر أنه ليس للمقرض أن يقبل هدية من المقترض إلا إذا كان هناك عادة جارية بينهما بذلك قبل القرض، لقرابة أو صداقة بينهما، بحيث لا تكون الهدية بسبب القرض، فيجوز قبولها، والمنع من ذلك إذا لم تجرِ عادة من باب سد ذريعة أخذ الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل، أو يتخذ ذريعة إلى تأخير الدَّين فيكون ربًا؛ لأنه يعود إليه ماله مع أخذ الفضل الذي استفاده، وقد حكم عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -كما تقدم- على الهدية أنها ربًا، قال الحافظ: (يحتمل أن يكون ذلك رأي عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -، وإلا فالفقهاء على أنه إنما يكون ربًا إذا شرطه، نعم الورع تركه) (٣).


(١) "الإجماع" ص (٩٩).
(٢) "الكافي في فقه أهل المدينة" (٢/ ٧٢٨).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>