للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فهو) الضمير يعود إلى (من).

قوله: (أحق به من غيره) أي: أحق بماله من غيره كائنًا من كان؛ لأنه وجد ماله بعينه فلا ينازعه فيه أحد، فإن ماله موجود، ومال غيره مفقود.

قوله: (أسوة الغرماء) أي: حظ البائع من هذا المتاع كحظ سائر الدائنين، لا مزية له فيه عليهم.

والغرماء: جمع غريم، والغريم: هو الخصم، وهو من الأضداد يقال: غريم: من عليه الدين، ولمن له الدين، والمراد هنا الثاني.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من وجد ماله بعينه عند رجل قد أفلس، فله الرجوع فيه، وفسخ العقد إن كان بيعًا أو غيره، وهذا مذهب جمهور العلماء، ودلالة الحديث على هذا واضحة وقوية جدًّا، ولهذا قال الاصطخري من أصحاب الشافعي: (لو قضى القاضي بخلافه، نقضت حكمه) (١).

وقال أبو حنيفة والحسن والنخعي: البائع أسوة الغرماء (٢)؛ لأن السلعة صارت بالبيع ملكًا للمشتري ومن ضمانه، قالوا: والحديث خبر واحد، مخالف للأصول.

وهذا اعتذار مردود، فإن الحديث مشهور، ورد من حديث ابن عمر وأبي هريرة وسمرة، وقضى به عثمان -رضي الله عنهم-، وعمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، قال الشوكاني: (والاعتذار بأنه مخالف للأصول اعتذار فاسد، لما عرفناك من أن السنة الصحيحة هي من جملة الأصول، فلا يترك العمل بها إلا لما هو أنهض منها، ولم يرد في المقام ما هو كذلك) (٣).


(١) انظر: "المهذب" (١/ ٤٢٦).
(٢) "نيل الأوطار" (٥/ ٢٧٤).
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>