* الوجه الخامس: يدخل في الصلح الجائز الصلح المتعلق بالأموال، وذلك في صلح الإقرار بأن يقر له بدين، أو عين، أو حق، فيصالحه عنه ببعضه أو غيره.
وصلح الإنكار: وهو أن يدعي شخص على آخر شيئًا، فينكره المدعى عليه، ثم يصالح عنه، قطعًا للخصومة والنزاع، بشرط أن يكون المدعي معتقدًا أن ما ادعاه حق، والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه، أما إذا كان أحدهما عالمًا بكذب نفسه، فالصلح باطل في حقه، وما أخذه العالم بكذب نفسه حرام عليه؛ لأنه من أكل المال بالباطل، كما يدخل في الصلح الجائز، الصلح عن الحقوق المجهولة، كأن يكون بين شخصين معاملة طويلة جَهِلَا فيها ما على أحدهما للآخر، أو جهلا ما بينهما من الحقوق، فاصطلحا على شيء معين، وتمام ذلك أن يسامح أحدهما الآخر.
وكذلك الصلح عن الدين المؤجل ببعضه حالًا، فإنه يجوز على الراجح من قولي أهل العلم، وهو رواية عن الإِمام أحمد، واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وابن القيم والشوكاني (١)؛ لأن فيه مصلحة للدائن، وهي أنه تعجل قبض حقه، ومصلحة للمدين وهي براءة ذمته، وإسقاط بعض الدين عنه، وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار، ولا دليل على المنع، وليس هذا من الربا؛ لأن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابل الأجل، وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابل سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابل سقوط بعض الأجل، فانتفع كل واحد منهما.
* الوجه السادس: أن الصلح إذا تضمن تحريم الحلال أو تحليل الحرام فإنه فاسد؛ لأنه صلح محرم، وكذا الصلح الجائر الذي فيه ظلم لأحد الطرفين؛ لأن الله تعالى قيد الصلح بالعدل، فقال سبحانه: {فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا