للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأمين: هو الذي في يده مال لغيره برضى المالك، كالمودَعَ والوكيل والشريك، أو برضى الشارع كولي الصغير أو اليتيم، أو برضى من له الولاية عليه كأمين الحاكم ونحو ذلك.

قوله: (إلى من ائتمنك) أي: إلى صاحبها الذي رضي بكونها عندك وجعلك أمينًا عليها.

قوله: (ولا تخن من خانك) الخيانة: مصدر خان يخون، وهو مأخوذ من مادة (خ ون) التي تدل على التنقُّص يقال: خنت فلانًا، وخنت أمانة فلان بمعنى: نقصان الوفاء (١)، والخيانة هنا: هي عدم الوفاء بالأمانة إما بالتفريط في حفظها، أو بجحدها وعدم أدائها، أو بالتصرف فيها بلا إذن صاحبها، أو بالنقص منها، فكل ذلك خيانة.

* الوجه الثالث: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أنه يجب على المؤتمن أن يرد الأمانة إلى صاحبها متى طلبها منه؛ لأنه قبض الأمانة على سبيل الحفظ والإحسان إلى صاحبها، فإذا طلبها وجب ردها إليه بأيسر الطرق وأسهلها، وليس له أن يؤذيه بردها أو يعوقه.

* الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب حفظ الأمانة والعناية بها وعدم التعدي عليها أو التفريط بحفظها؛ لأن هذا من لوازم أدائها، فإن الأداء لا يتم إلا بحفظها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وقوله: {إِلَى أَهْلِهَا} فيه دليل على أن الأمانة لا تدفع ولا تؤدى لغير صاحبها الذي ائتمنك عليها، ووكيله بمنزلته، ومثل ذلك لو أعطاها ابنه الذي جرت عادته بأن يتولى مال أبيه ونحو ذلك، ولو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديًا لها.

والفرق بين التعدي والتفريط: أن التفريط ترك ما يجب من الحفظ، والتعدي فعل ما لا يجوز من التصرفات، فالتفريط أن يتساهل في حفظ الأمانة كان يضعها في غير حرز، والتعدي أن يستعملها أو يتصرف بها بلا إذن صاحبها كالقراءة في الكتاب، أو ركوب السيارة، ونحو ذلك.


(١) "معجم مقاييس اللغة" (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>