للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا بحديث سمرة المتقدم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) ووجه الاستدلال: أن اليد مطالبة برد ما أخذته، ولا يتم ذلك في حال التلف إلا بالضمان.

القول الثاني: أن العارية غير مضمونة مطلقًا؛ لأن المستعير أمين، ولا معنى للائتمان إلا انتفاء الضمان، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المستعير غير المُغِلِّ ضمان … " (١). وهذا قول أبي حنيفة، واختاره ابن القيم (٢).

والقول الثالث: إن كان تلف العارية بأمر ظاهر كالحريق والسيل وموت الحيوان وانقلاب السيارة فلا يضمن، وإن كان بأمر لا يُطلع عليه كدعوى سرقة الكتاب أو الحلي، أو ضياع القدر، ونحو ذلك فهذا يضمن، إلا أن يأتي ببينة تشهد على التلف، وهذا مذهب مالك (٣)، وسر هذا التفريق أن العارية أمانة غير مضمونة، إلا أنه لا يقبل قول المستعير فيما يخالف التلف بأمر ظاهر.

والقول الرابع: أن العارية لا تضمن إلا بشرط التضمين، وذلك بطلب صاحبها من المستعير أن يضمنها إذا تلفت، أو بتبرع المستعير، وهذا رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجح هذا القول الصنعاني، والشيخ عبد الرحمن السعدي (٤).

واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عارية مضمونة" ووجه الاستدلال: أن وصفها بمضمونة للتقييد، والمعنى: أستعير منك عارية متصفة بأنها مضمونة لا عارية


(١) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ١٧٨)، والدارقطني (٣/ ٤١)، والبيهقي (٦/ ٩١) من طريق عمرو بن عبد الجبار، عن عَبيدة بن حسان، عن عمرو بن شعيب، به. وإسناده ضعيف جدًّا؛ لأن ابن حبان ذكر في "المجروحين" (٢/ ١٨١): أن عبيدة بن حسان كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات. قال الدارقطني: (عمرو وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع).
(٢) "الهداية" (٣/ ٢٢٠)، "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٧٤)، "زاد المعاد" (٣/ ٤٨٢).
(٣) "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٣/ ٣٩١)، "الكافي "لابن عبد البر (٢/ ٨٠٨).
(٤) "الاختيارات" ص (٢٣١)، "الإنصاف" (٦/ ١١٣)، "سبل السلام" (٥/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>