للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العرف، فكل ما تعارف عليه أهل بلد فهو إحياء، وهو يحصل بأشياء، منها:

١ - أن يبني حول الأرض حائطًا منيعًا، يبنيه بما جرت به عادة أهل البلد من طوب أو لبن أو حجر أو نحو ذلك، وسيأتي هذا - إن شاء الله - في حديث سمرة - رضي الله عنه -

٢ - سوق الماء وإجراؤه إلى الأرض الموات من عين أو نهر ونحوهما، أو حفر بئر بداخلها؛ لأن نفع الأرض بالماء أكثر من الحائط، لكن إن حفر بئرًا لم يملك إلَّا حريمها، وهو حماها، كما سيأتي إن شاء الله.

٣ - أن يمنع أو يزيل عنها ما لا يمكن زرعها معه، فإن كان المانع من زرعها كثرة الأحجار فإحياؤها بقلع أحجارها وتنقيتها، وإن كان أشجارًا فبأن يقلع أشجارها ويزيل عروقها المانعة من الزرع والغرس.

وهذا بخلاف التحجير الذي هو منع الغير من إحياء الأرض الموات، بوضع علامة كأحجار أو تراب، أو يبني جدارًا قصيرًا، أو يضع شبكًا، أو لوحات، ونحو ذلك، فهذا ليس بإحياء، وإنَّما هو تحجير يفيد الاختصاص لا التملك، فيكون أحق بها من غيره، وورثته من بعده كذلك. فيعطى مهلة، فإن أحياها وإلَّا أعطيت إلى من يريد إحياءها.

• الوجه الخامس: ظاهر الحديث أنَّه لا يشترط في إحياء الموات إذن الإِمام، وهذا مذهب جمهور العلماء؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم بملكية الموات لمن أحياه ولم يذكر إذن الإِمام.

وقد استدلوا -أيضًا- بأن الأرض الموات ليست ملكًا لبيت المال، بل هي مال مباح، كالاحتشاش والاحتطاب، والمباح لمن سبقت يده إليه، وقد سبقت اليد إليه بالإحياء، فهو لمن أحياه (١).

وذهب أَبو حنيفة إلى أنَّه يشترط إذن الإِمام، لأمرين:


(١) انظر: "فتاوى الشيخ ابن إبراهيم" (٨/ ١٩٧، ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>