للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك الفعل، حيث امتنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المباشرة لهذه الشهادة معللًا بأنها جور، فكيف يأذن لغيره بان يشهد على الجور والظلم، وبقية ألفاظ الحديث تفيد هذا، ثم إن بشيرًا لو فهم الإذن من هذه الصيغة لامتثل أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذهب لإشهاد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يَرُدَّ العطية.

• الوجه الرابع: ظاهر الحديث المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل بشيرًا في عطيته، ولأن المعنى موجود وهو حصول القطيعة والعقوق والبغضاء، وهذا قول في مذهب الحنابلة، وهو قول ابن حزم (١).

وذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى جواز التفضيل إذا وجد سبب يقتضيه، كأن يخص بعضهم لحاجة، أو زَمَانَةٍ، أو عمى، أو كثرة عيال، أو لاشتغال بطلب العلم، ويمنع بعض ولده لفسقه، أو لكونه يستعين بما يأخذ على معصية الله.

وقد اختار ابن قدامة وابن تيمية هذه الرواية، وقواها صاحب "الإنصاف"، واختارها الشيخ محمد بن إبراهيم (٢).

واحتجوا بما تقدم في قصة عائشة - رضي الله عنها -، ولأن بعض هؤلاء اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يخص بها كما لو اختص بالقرابة.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه لا يجوز التفضيل لأي سبب، لقوة دليل هذا القول، فإن وجد سبب للتفضيل فإنه يكون من باب النفقة على هذا العاجز لمرض أو كثرة عيال أو نحو ذلك، لوجوب الإنفاق عليه، فإن أراد زيادة أستاذن البقية.

• الوجه الخامس: اختلف العلماء في كيفية التسوية بين الأولاد في العطية على قولين:


(١) "المحلى" (٩/ ١٤٢). "المغني" (٨/ ٢٥٨).
(٢) "المغني" (٨/ ٢٥٨)، "الفتاوى" (٣١/ ٢٩٥)،، الإنصاف" (٧/ ١٣٩)، "فتاوى ابن إبراهيم" (٩/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>