للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن الله تعالى منع ما يؤدي إلى قطيعة الرحم، والتسوية بين الذكر والأنثى مخالفة لما وضعه الشرع من التفضيل، فيفضي ذلك إلى العداوة، ولأن الشرع أعلم بمصالحنا، فلو لم يكن الأصلح التفضيل بين الذكر والأنثى لما شرعه الله، ولأن حاجة الذكر إلى المال أعظم من حاجة الأنثى … ) (١).

وأما حديث النعمان فهو حكاية حال لا عموم لها، ولا نعلم حال أولاد بشير - رضي الله عنه - هل فيهم أنثى أو لا؟ ثم قد تحمل التسوية على القسمة على كتاب الله تعالى، أو أن المراد بالتسوية في أصل العطاء؛ أي: يعطي الجميع، لا في صفة العطاء.

وأما حديث ابن عباس فهو حديث ضعيف لا يحتج به في مقابل الأحاديث الصحيحة، وأما تحسين الحافظ لإسناده فليس في محله، فإن سعيد بن يوسف الرحبي متفق على ضعفه، كما تقدم.

لكن لو أعطى بعضهم شيئًا يحتاجه، والثاني لا يحتاجه، مثل أن يحتاج بعض الأولاد إلى أدوات مدرسية، أو يحتاج إلى علاج، أو زواج، فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه؛ لأن هذا من أجل الحاجة، فأشبه نفقة الطعام والشراب والكساء والمسكن (٢).

وأما انفراد أحد الأولاد بالبر والعطف على والديه فلا يعد سببًا لتخصيصه بالعطية من أجل بره؛ لأن المتميز بالبر لا يجوز أن يعطى عوضًا عن بره؛ لأن أجره على الله، ولأن تمييز البار بالعطية قد يؤدي إلى أن يُعجب ببره ويرى أن له فضلًا، وقد يَنْفِرُ الآخر ويستمر في عقوقه، ثم إن القلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، فقد تتغير الأحوال ويصير البار عاقًا والعاق بارًا (٣).

وإن أعطى ولده من أجل عمله في تجارة أبيه أو زراعته أو صناعته فلا بأس، إذا كان الابن قد نوى الرجوع على أبيه ولم ينو التبرع؛ لأن هذا ليس


(١) "بدائع الفوائد" (٣/ ١٥٦).
(٢) انظر: "الاختيارات" ص (١٨٥).
(٣) انظر: "حقوق دعت إليها الفطرة" لابن عثيمين ص (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>