للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هبته، كأن يقول: هذه الدار لك ما عشت فإذا مت رجعت إلي أو إلى ورثتي ونحو ذلك، على قولين:

الأول: لزوم الهبة وصحة الشرط، فإذا مات المُعْمَرُ رجعت إلى المُعْمِرِ، وهذا قول مالك وداود، وجماعة من الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسبه ابن حجر إلى أكثر العلماء (١).

واستدلوا برواية معمر، عن الزهري: ( … فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها)، كما استدلوا بعموم: "المسلمون على شروطهم".

والقول الثاني: إلغاء الشرط ولزوم الهبة وتأبيدها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو الأصج عند أكثر الشافعية، وقول أبي حنيفة (٢)، واختاره الشوكاني (٣).

واستدلوا بأن الرجوع يشبه الرجوع في الهبة الذي ورد النهي عنه -كما تقدم- بل ورد في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العمرى جائزة لمن أُعمرها، والرقبى جائزة لمن أُرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه" (٤).

فالخلاصة أن العمرى لها ثلاث حالات:

الأولى: أن يصرح المُعْمِرُ -بكسر الميم- بأنها للمعمَر -بفتحها- ولورثته، بأن يقول: هي لك ولعقبك، فهذه هبة محققة لا رجوع فيها، فيأخذها الوارث بعد موته.

الثانية: أن يقتصر على أنها للمعمر مدة حياته، ويطلق فلا يتعرض لما بعد الموت، بأن يقول: أعمرتكها، وهذه كالتي قبلها.


(١) "الاختيارات" ص (١٨٤)، "فتح الباري" (٥/ ٢٣٩).
(٢) "المغني" (٨/ ٢٨٥).
(٣) "نيل الأوطار" (٦/ ١٨).
(٤) أخرجه النسائي (٦/ ٢٦٩ - ٢٧٠)، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (٢/ ٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>