للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استحب بعض العلماء كتابتها، كما تقدم (١).

ويكون الإشهاد على وجدانها، لا على صفاتها، لئلا تشيع أوصافها، فيدعيها غير صاحبها.

* الوجه الخامس: اختلف العلماء في حكم الإشهاد على اللقطة على قولين:

الأول: أن الإشهاد مستحب، وهذا قول مالك، وهو المذهب عند الحنابلة، وأحد قولي الشافعي (٢)، واستدلوا بأن الإشهاد لم يذكر في الأحاديث الصحيحة، فيحمل في هذا الحديث على الندب، إذ لو كان واجبًا لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، لا سيما وقد سئل عن حكم اللقطة كما في حديث زيد بن خالد - رضي الله عنه -، فلم يكن ليخل بذكر الواجب فيها، فيتعين حمل الأمر على الاستحباب، ولأنه أخْذُ أمانة فلم يفتقر إلى الإشهاد.

والقول الثاني: أن الإشهاد واجب، وهو قول في المذهب عند الحنابلة، اختاره جمع منهم، وهو قول أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، واختاره الصنعاني (٣)، والشيخ عبد العزيز بن باز. مستدلين بهذا الحديث، فإن قوله: "فليشهد" أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ولا ينافي ذلك عدم ذكره في الأحاديث الأخرى؛ لأنها زيادة صحيحة، فيجب العمل بها، قالوا: ولأنه إذا لم يشهد، كان الظاهر أنه أخذها لنفسه.

والذي يظهر -والله أعلم- هو القول بوجوب الإشهاد لصحة الحديث بذلك، ولما فيه من المصالح، كما تقدم.

* الوجه السادس: الحديث دليل على أن الملتقط مطالب بمعرفة


(١) "معالم السنن" (٢/ ٢٦٩). "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٣/ ٣٤).
(٢) "الشرح الكبير" (١٦/ ٢٥٠).
(٣) "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٣٦)، "روضة الطالبين" (٥/ ٣٩١)، "المهذب" (١/ ٥٦١)، "سبل السلام" (٣/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>