* الوجه الرابع: الحديث دليل على ميراث العصبة، وهم جمع عاصب، وهو من يرث بلا تقدير، والمراد هنا: العصبة من الفروع الذكور كالأبناء وأبنائهم وإن نزلوا، والأصول الذكور كالأب وأبيه وإن علا، والحواشي وهم فروع الأصول كالإخوة والأعمام وأبنائهم وإن نزلوا.
فإن كان مع العاصب صاحب فرض أخذ الباقي بعده كما تقدم، وإن استغرقت الفروض التركة سقط؛ كهالك عن زوج وشقيقتين وابن أخ شقيق، فللزوج النصف ثلاثة، وللشقيقتين الثلثان أربعة، فتعول إلى سبعة، ويسقط ابن الأخ؛ لأن الفروض استغرقت التركة، وإن انفرد العاصب أخذ جميع المال؛ كهالك عن عم شقيق.
* الوجه الخامس: الحديث دليل على وجوب تقديم الأقرب فالأقرب من العصبة بحيث لا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب، لقوله:"فلأولى رجل ذكر"؛ كهالك عن أم وابن وابن أخ شقيق، فلا شيء لابن الأخ؛ لأن الابن أقرب منه، فيقدم الأقرب جهة كالابن مع الأب، فإن كانوا في جهة واحدة قدم الأقرب منزلة، فيقدم الابن علي ابن الابن، والعم على ابن العم، فإن كانوا في منزلة واحدة وتميز أحدهم بقوة القرابة، ولا يتصور ذلك إلا في فروع الأصول؛ كالإخوة والأعمام مطلقًا وبنيهم، قدم الأقوى، وهو الذي يدلي بالأبوين -وهو الشقيق- على الذي لأب.
وموضوع ترتيب العصبة وجهات التعصيب محله كتب الفرائض.
* الوجه السادس: استدل العلماء بهذا الحديث على مسائل العول، وذلك أن أصحاب الفروض إذا كثروا وتزاحمت فروضهم ولم يحجب بعضهم بعضًا أنه يعوَّل لهم، فينقص من نصيب كل وارث بقدر نسبة ما عالت به المسألة إلى أصلها بعد العول.
ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعطاء ذوي الفروض فروضهم ولا يتحقق ذلك إذا كثرت الفروض وزادت على أصل المسألة إلا بالعول، وهذه قاعدة عامة في كل من اشتركوا في استحقاق شيء ولا يمكن أن يعطى كل