للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (فإنه) الضمير عائد على التزوج، وهو مصدر الفعل السابق؛ كقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] أي: العدل، والجملة تعليلية.

قوله: (أغض للبصر) أي: أدعى إلى غض بصر المتزوج عن الأجنبية، وغض البصر: هو كفه عما لا يحل.

قوله: (وأحصن للفرج) أي: أدعى إلى إحصان الفرج، وهو منعه من الوقوع في المحظور.

وأفعل التفضيل قيل: إنه على بابه، فالتقوى سبب لغض البصر وإحصان الفرج، ولكن الزواج أغض وأحصن، ورَدَّ هذا العيني وقال: (هذا تصرف من ليس له يد في العربية) (١).

وقيل: ليس على بابه بل استعمل لغير التفضيل؛ كأنه لا يوجد ما يغض البصر ويحصن الفرج إلا التزوج.

والأول أظهر؛ لأن الأصل في صيغة (أفعل) هو التفضيل، ولا يعدل عنه إلا إذا تعذر الحمل عليه، وهنا لا يتعذر؛ لأن الخطاب مع المؤمنين، بل خُلَّصُهُمْ وهم شباب الصحابة - رضي الله عنهم - وعندهم من فيلتقوى ما ليس عند غيرهم.

قوله: (ومن لم يستطع) المفعول مقدر؛ أي: ومن لم يستطع الباءة، وقد ورد ذلك في الترمذي بلفظ: (فمن لم يستطع منكم الباءة … ) (٢).

قوله: (فعليه بالصوم) الضمير عائد إلى لفظ: (من استطاع) لأنه لم يتعين المخاطب من الشباب، فصار كالغائب، وهذا له نظائر في القرآن، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ} [البقرة: ١٧٨] وتقول لرجلين: من قام منكما الآن فله جائزة، فهذه الهاء لمن قام من الحاضرين، وهكذا الفاء في هذا الحديث فهي للواحد من المخاطبين.


(١) "عمدة القاري" (٩/ ٣١).
(٢) "جامع الترمذي" (١٠٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>