وعبر بالصوم دون الجوع لتحصيل العبادة، وهي مطلوبة بذاتها، وفيه إشارة إلى أن المطلوب من الصوم في الأصل كسر الشهوة.
قوله:(فإنه له) الضمير الأول عائد على الصوم، والثاني على الصائم المقصود من السياق.
قوله:(وجاء) أي: كسر لشهوته، والوجاء: بكسر الواو والمد: هو رض عروق الخصيتين بحجر ونحوه، وهما باقيتان لتضعف الفحولة، وأصل الوجاء الغمز، ومنه: وجأه في عنقه، إذا غمزه دافعًا له، ووجأه بالسيف إذا طعنه به.
والعلاقة بين الوجاء والصوم المشابهة في أن كلًّا منهما يضعف الشهوة ويدفع شر المني؛ لأن البيضتين تصلحان المني، فتهيج الشهوة، والصوم مضعف لشهوة الجماع بسبب قلة الطعام والشراب، وفيه سر عظيم، فإن تقليل الطعام والشراب بلا صوم لا يفيد.
° الوجه الثالث: في الحديث حث للشباب القادر على مؤنة الزواج أن يتزوج لما في الزواج من المصالح العظيمة، كما تقدم، وقد وردت أحاديث أخرى في الحث عليه والترغيب فيه، يأتي بعضها.
° الوجه الرابع: اختلف العلماء في حكم الزواج عندما تتوفر دواعيه وتنتفي موانعه على قولين:
الأول: أن الزواج واجب، وهذا قول داود بن علي وأصحابه، وأبو عوانة الإسفراييني من الشافعية، وابن حزم، وأحمد في رواية عنه، حكاه أبو بكر عبد العزيز (١).
واستدلوا بالأدلة الآمرة بالنكاح؛ كقوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣] وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}[النور: ٣٢]. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" قال ابن دقيق العيد: (إن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب).