للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كالمُشَرَّكِ فيه، فإنه لا يضر، فإنه يحصل بالصوم تحصين الفرج وغض البصر، وأما تشريك المباح، كما لو دخل في الصلاة لترك خطاب من يحل خطابه فهو محل نظر، يحتمل القياس على ما ذكر، ويحتمل عدم صحة القياس، نعم إن دخل في الصلاة لترك الخوض في الباطل أو الغيبة وسماعها كان مقصدًا صحيحًا (١).

° الوجه التاسع: استدل بعض المالكية بهذا الحديث على تحريم الاستمناء، وهو العادة السرية، ووجه الاستدلال: أنه لو كان مباحًا لأرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أسهل وأهون، ولأن فيه لذة.

والاستمناء حرام عند جمهور العلماء، وهو أصح القولين في مذهب أحمد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولا عبرة بقول من أباحه لتسكين الشهوة، فإن ضرر الاستمناء عظيم، فالحق أنه محرم لا يجوز ارتكابه لا لتسكين الشهوة ولا لغرض آخر، والله أعلم) (٢).

وقد استدَلَّ -أيضًا- من قال بتحريمه بقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)} [المؤمنون: ٥ - ٧]، والعادي هو المتجاوز للحد، وهذا يدل على التحريم، كما استدل بقوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٣]، والاستعفاف: طلب العفّة بحفظ الفرج من جميع أنواع الشهوة التي لا تباح (٣)، وهذا أمر يراد به الوجوب.

وقد ذكر بعض الباحثين أن الاستمناء له أضرار عظيمة، فهو يضعف البصر، ويُنهك القوى، ويُجهد الأعصاب، ويُضعف عضو التناسل، ويحدث فيه ارتخاءً قد يؤثر على العلاقة بين الزوجين، ويجعل فاعله سريع الإنزال، بحيث يُنْزل بمجرد احتكاك شيء بذكره أقل احتكاك، ومن مضار هذه العادة


(١) "سبل السلام" (٣/ ١٧٥).
(٢) "الفتاوى" (١٠/ ٥٧٣ - ٥٧٥).
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (٥/ ١٠١ - ١٠٢، ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>