للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية: إذا أذن الخاطب الأول لغيره في الخطبة؛ لأن هذا يدل على تنازله عن حماية الشارع التي تقررت لصالحه.

وذكر الفقهاء حالة ثالثة تجوز فيها الخطبة على الخطبة، وهي ما إذا جهل الخاطب الثاني بالخطبة السابقة، أو علمها وجهل بقبولها؛ لأنه جهل بواقع الحال، والجهل بوقائع الأحوال يصلح عذرًا عامًّا في الشريعة؛ لأن صاحبه حَسَنُ النية (١).

° الوجه الخامس: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن الخطبة إذا وقعت على خطبة وتزوجها بذلك صح العقد ولا يلزم فسخه (٢)، لكن الخاطب الثاني آثم، وإنما كان العقد صحيحًا؛ لأن النهي في الحديث مسلط على الخطبة لا على العقد، فإن العقد استوفى شروطه وأركانه، والمخالفة في الوسيلة، وهي غير لازمة، فقد يجري العقد من غير خطبة، ويمكن أن تكون خطبة على خطبة ولا يكون عقد، ويبقى النهي قائمًا ولو لم يجر عقد.

° الوجه السادس: مفهوم قوله: "لا يخطب بعضكم على خطبة أخيه" أن للمسلم أن يخطب على خطبة غير المسلم كالكتابي من يهودي أو نصراني؛ لأن المقصود بالأخ: هو الأخ المسلم، وقال آخرون: لا تجوز خطبة المسلم على غير المسلم، والحديث خرج مخرج الغالب؛ لأن خطبة المسلم لغير المسلمة، وخِطْبَةُ المسلم على خِطبة غير المسلم من الأمور النادرة، ثم إن المعنى الذي من أجله ورد النهي موجود وهو إثارة العداوة والبغضاء، بل قد يؤدي ذلك إلى فتنة بين المسلمين وغير المسلمين.

وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز للصالح أن يخطب على خطبة الفاسق، مستدلين بأن عموم النهي في أحاديث الباب لم يفرق بين أن يكون الخاطب الأول فاسقًا أو صالحًا، ولأن الفسق لا يخرج الخاطب عن الإسلام.


(١) انظر: "خطبة النساء في الشريعة الإسلامية" ص (٣٤).
(٢) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٩/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>