للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن نكاح الشغار، وهذا النهي يقتضي التحريم بإجماع أهل العلم، وأما بطلان العقد؛ ففيه قولان:

الأول: أن النكاح غير صحيح؛ لأن النهي يقتضي الفساد، وهذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، كما حكاه الترمذي (١)، وحكاه ابن رشد عن مالك (٢).

القول الثاني: أن النكاح صحيح، ويفرض للمرأة مهر المثل، وهذا قول أبي حنيفة، وطائفة منهم: الليث، وأبو ثور، والطبري، ورواية عن أحمد مخرجة (٣)؛ لعموم أدلة شرعية النكاح؛ كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، ولأن الفساد من قبل المهر لا يوجب فساد العقد، كما لو تزوجها على خمر أو نحوه مما لا يصح جعله صداقًا.

ويجيبون عن الأحاديث بأن النهي للكراهة، وتارة يقولون: بأن النهي يراد به ألا يُستحل الفرج بدون مهر، وهذا جواب ضعيف، فليس هذا من مواضع الكراهة، وقد حكم ببطلانه عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت -رضي الله عنهما-، كما قال أحمد (٤)، وكذا معاوية - رضي الله عنه -، كما سيأتي، وعلى هذا فالصواب القول الأول.

° الوجه الرابع: اختلف العلماء في علة النهي عن نكاح الشغار على قولين:

الأول: أن العلة هي خلو بضع كل من المرأتين من الصداق، وهؤلاء أخذوا بتفسير الشغار المنصوص عليه في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

الثاني: أن العلة ليست الخلو من الصداق، وإنما هي اشتراط كل منهما على الآخر أن يزوجه موليته، وهذا قول الإمام أحمد في رواية عنه، اختارها


(١) "جامع الترمذي" (٣/ ٤٢٣)، "المغني" (١٠/ ٤٢)، "مغني المحتاج" (٣/ ١٤٢).
(٢) "بداية المجتهد" (٣/ ١٠٩).
(٣) "مختصر الطحاوي" ص (١٨١)، "الإنصاف" (٨/ ١٥٩).
(٤) "المغني" (١٠/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>