للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤]، ووجه الاستدلال: أن نكاح التحليل شبيه بالمسافحة وهو الزنا، حيث لم يقصد به الإحصان، وهو النكاح بعقد صحيح، بل الجماع مرة واحدة، ثم الطلاق (١).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إنكاح المحلل حرام باطل، لا يفيد الحل) (٢). فلا يحصل به الإباحة للزوج الأول لفساده، فإن قيل: سماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - محللًا، ولو لم يحصل به الحل لم يكن محللًا ولا محللًا له؛ فالجواب: أنَّه سماه محللًا؛ لأنه قصد التحليل في موضع لا يحصل فيه الحل، لا أنَّه مثبت للحل في الواقع، ولو كان محللًا في الحقيقة والآخر محللًا له لم يكونا ملعونين (٣). ويؤيد ذلك قول ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: (كنا نعد هذا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفاحًا) (٤).

ومما يدل على فساده أنَّه لو فرض أن هذا المُحَلِّلَ أراد أن يقيم معها بعد ذلك فلا بد من عقد جديد؛ لأن ما مضى عقد فاسد لا يباح به المقام معها، وهو قول الجمهور (٥)؛ لأن النهي يقتضي التحريم والفساد، ولو صح العقد لما كان لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنى.

ومثل هذا لو شرط عليه قبل العقد أن يُحِلَّها لمطلقها ثلاثًا، ثم نوى عند العقد غير ما شرط عليه وأنه نكاح رغبة صح نكاحه، وبطل الشرط، وقيل: يبطل النكاح، لاشتماله على شرط مفسد للعقد، وهذا هو الراجح.


(١) "التفسير وأصوله" (٢/ ١٢١).
(٢) "إقامة الدليل على بطلان التحليل" [ضمن الفتاوى الكبرى] (٣/ ١٠٠).
(٣) "المغني" (١٠/ ٥٤).
(٤) رواه الطبراني في "الأوسط" (٧/ ١٣٧)، والحاكم (٢/ ١٩٩)، والبيهقي (٧/ ٢٠٨)، من طريق محمد بن مطرِّف، عن عمر بن نافع، عن أبيه نافع مولى ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أن رجلًا سال ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - … وذكر الحديث وفيه قصة، وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)، وسكت عنه الذهبي، وهذا فيه نظر، فإن المستفاد من ترجمة عمر بن نافع في "تهذيب الكمال" (٢١/ ٥١٢) أنَّه ليس لمحمد بن مطرف رواية عن عمر بن نافع في "الصحيحين".
(٥) "الفتاوى الكبرى" (١٣/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>