اللوطية الصغرى (١). يعني: الرجل يأتي امرأته في دبرها.
* الوجه الرابع: دل القرآن والسنة والنظر على تحريم إتيان المرأة في دبرها، أما القرآن فقوله تعالى:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة: ٢٢٢] والمراد بالمأُتَى المأمور به: القبل، بدليلين:
الأول: قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّي شِئْتُمْ}[البقرة: ٢٢٣] والحرث: مكان الولد، والقبل هو مكان الحرث؛ أي: بذر الولد بالنطفة، والدبر ليس محلًّا لذلك.
الثاني: قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٧] والمراد بـ {مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} الولد، ومعلوم أن ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل، فإن قيل: إن قوله تعالى: (أَنَّى شِئْتُمْ} دليل على إباحة زوجته في دبرها؛ لأن المعنى: من أي مكان شئتم، فالجواب: أن هذا لا يصح لأمرين:
١ - أن سبب النزول يرد ذلك، كما سيأتي -إن شاء الله- في حديث جابر - رضي الله عنه - قال: (كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فدل ذلك على أن جابرًا - رضي الله عنه - يرى أن معنى الآية: فأتوهن في القبل على أي حال شئتم ولو كان من ورائها، وتفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول له حكم الرفع، كما في المصطلح.
٢ - أن هذه الآية إن كانت عامة في الإتيان في أي مكان، فقد جاء تخصيصها بما ورد في السنة من تحريم إتيان النساء في أدبارهن؛ كحديث الباب.
أما دلالة السنة على تحريم هذا الفعل، فحديث أبي هريرة وابن
(١) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٨/ ١٩٥ - ١٩٦)، وأحمد (١١/ ٣٠٩) وسنده حسن، لكن الراجح وقفه على عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، فقد قال البخاري في "التاريخ الصغير" (٢/ ٢٧٣): (المرفوع لا يصح)، وقال ابن كثير في "تفسيره" (١/ ٣٨٥) عن الموقوف: (هذا أصح)، والموقوف أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٢٥٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٤٦).