للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس - رضي الله عنهم - وغيرهما من الأحاديث، وقد ذكر القرطبي أنها بلغت أربعة عشر حديثًا. وذكر أكثرها الحافظ ابن كثير (١). وتكلم الحافظ ابن حجر في "التلخيص" عن عللها (٢).

وأما النظر؛ فأمران:

١ - أن الله تعالى حرم الفرج في وقت الحيض لأجل القذر العارض له، والدبر أولى بالتحريم للقذر اللازم والنجاسة الدائمة.

٢ - إجماع أهل العلم على أن الرتقاء التي لا يوصل إلي وطئها معيبة، ترد بهذا العيب -كما تقدم-، ولو كان الدبر موضعًا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج؛ لوجود العوض عنه، وهو الدبر.

* الوجه الخامس: لا قيمة لنقل الخلاف في مثل هذه المسألة؛ لوضوح الحكم بدليله، وضعف أدلة المخالف، لئلا يكون نقل الخلاف سلمًا لمن تسول له نفسه أن يفعل هذا الفعل القبيح، لكن ينبغي ذكره لبيان لضعفه، أو عدم صحته، أو لئلا يُغتر به.

وما نسب لابن عمر - رضي الله عنهما - من القول بإباحته فهو غير صحيح؛ لما ورد في "سنن النسائي" عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر: أُكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتي بأن تؤتي النساء في أدبارهن، قال نافع: لقد كذبوا عليَّ، ولكن سأخبرك كيف كان الأمر، إن ابن عمر عرض المصحف يومًا (٣)، وأنا عنده، حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} قال يا نافع: هل تدري ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا -معشر قريش- نُجَبِّي النساء، فلما دخلنا المدينة، ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله سبحانه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٤).


(١) "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٨٤).
(٢) "التخليص" (٣/ ٢٠٤).
(٣) أي: أمسكت المصحف، وهو يقرأ عن ظهر قلب. انظر: ["فتح الباري" (٨/ ١٨٩)].
(٤) "السنن الكبرى" (٨/ ١٨٩)، قال ابن كثير في "تفسيره" (١/ ٣٨٤): (هذا إسناد صحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>