للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشعر بصوف أو خرق وغير ذلك مما لا يشبه الشعر الأصلي (١)؛ لأن هذا ليس بوصل، ولا في مقصود الوصل، وليس فيه تدليس ولا تغيير لخلق الله تعالي، وإنما هو للتجميل والتحسين، وقد ورد عن سعيد بن جبير أنه قال: لا بأس بالقرامل (٢). ونقل أبو داود بعد إيراده هذا الأثر أن أحمد كان يقول: القرامل ليس به بأس.

والقرامل: جمع قَرْمَلٍ -بفتح القاف وسكون الراء- نبات طويل الفروع لين، والمراد هنا: خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل بها المرأة شعرها (٣).

قال الخطابي: (رخص أهل العلم في القرامل؛ لأن الغرور لا يقع بها؛ لأن من نظر إليها لم يشك في أن ذلك مستعار" (٤).

وهذا القول هو الأظهر -إن شاء الله- وهو أن الممنوع وصل الشعر بشعر آخر، أما وصله بالخيوط الملونة، ونحوها مما هو معروف عند النساء ولا سيما البنات الصغار، لئلا ينتشر ويتفرق فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يصدق عليه أنه وصل، ولأن من يراها يعرف أنها ليست بشعر قطعًا.

وأما حديث جابر - رضي الله عنه - فهو محمول على وصل الشعر بشعر؛ لأن الوصل إذا أطلق انصرف إلى ذلك، بدليل كلام أهل اللغة والشرع، كما تقدم.

* الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الوشم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الواشمة والمستوشمة، واللعن لا يكون إلا على أمر محرم، بل إنه من كبائر الذنوب، وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات


(١) "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٣٣٩)، "المغني" (١/ ٩٤)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (١٤/ ٦٥١).
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٧١)، وصححه الحافظ في "فتح الباري" (١٠/ ٣٨٨) وفيه شريك بن عبد الله القاضي، ولعله مما حدث به قبل القضاء، أو كونه أثر تابعي فيتسامح فيه.
(٣) "عون المعبود" (١١/ ٢٢٨).
(٤) "معالم السنن" (٦/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>