للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فيما تملك ولا أملك) قال أبو داود: (يعني: القلب)، وقال الترمذي: (إنما يعني به الحب والمودة، كذا فسره بعض أهل العلم). قال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَينَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩] قال ابن عباس: في الحب والجماع (١). والمعنى: أن محبة القلب لا يمكن تفريقها بين النساء على السواء، فقد يكون لها أسباب من تحبب الزوجة إلى زوجها ومن لينها وعنايتها وشبابها، وغير ذلك.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم بين نسائه فيعدل بينهم فيما يملك، والحديث وإن كان فيه المقال المتقدم، لكن هذا أمر ثابت بأدلة أخرى، سيأتي شيء منها إن شاء الله، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فيكون الحديث دليلًا على مشروعية قسم الرجل بين زوجاته، ووجوب العدل في القسم بينهن، وعدم الميل إلى إحداهن، وأن هذا طريق العشرة بالمعروف والتآلف بين القلوب، والسلامة من المشاكل التي تنشأ من التفضيل.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على عدم وجوب التسوية بين النساء في المحبة؛ لأنها لا تملك، وقد كانت عائشة - رضي الله عنها - أحب نسائه - صلى الله عليه وسلم - إليه، وأُخذ من هذا أنه لا يجب التسوية بينهن في الوطء؛ لأنه موقوف على المحبة والميل، وهي بيد مقلب القلوب، وهذا مذهب الجمهور (٢).

والقول الثاني: التفصيل، وهو أنه إن ترك الجماع لعدم الداعي إليه من المحبة والانتشار فهو معذور، وإن وجد الداعي إليه لكنه إلى الضرة أقرب فليس بمعذور، وعليه أن يعدل (٣).

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على تحريم الميل إلى إحدى الزوجتين إذا كان ذلك فيما يمكن الزوج؛ كالمبيت والطعام والكسوة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتذر إلى ربه فيما لا يملك، فدل على أن ما يملكه الزوج يطالب


(١) "تفسير الطبري" (٩/ ٢٥٦).
(٢) "المغني" (١٠/ ٢٤٥).
(٣) "زاد المعاد" (٥/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>