للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن المرأة إذا كرهت الرجل وخافت ألا تقوم بحقوقه أن لها طلب الخلع، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] أي: فيما دفعته فداء عن البقاء مع الزوج، فإن كانت الحال مستقيمة فالخلع مكروه أو محرم، لما يلي:

١ - قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا} فإن نَفْيَ الجناح وهو الإثم يدل على أن الخلع مع استقامة الحال يكون عليهما فيه جناح، ثم غلظ الوعيد، فقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: ١٨٧].

٢ - حديث ثوبان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأسٍ فحرام عليها رائحة الجنة" (١). وهو ظاهر في التحريم، للوعيد الشديد.

٣ - أن الخلع في مثل هذه الحال إضرار بالزوجين، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة، وهدم لبيت الزوجية، وتشتيت للأسرة إن كان لها أولاد.

وعند الجمهور أن الخلع يقع مع استقامة الحال، قال الوزير ابن هبيرة: (اتفقوا على أنه يصح الخلع مع استقامة الحال بين الزوجين) (٢).

واستدلوا بقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] وإذا جاز أخذ العوض وقع الخلع، وأجابوا عن الآية المتقدمة بأنها جرت على حكم الغالب (٣).

والقول الثاني: أن الخلع في حال استقامة الحال محرم ولا يقع، فإن


(١) رواه أبو داود (٢٢٢٦)، والترمذي (١١٨٧)، وابن ماجه (٢٠٥٥)، وأحمد (٣٧/ ٦٢، ١١٢) من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان - رضي الله عنه - مرفوعًا. قال الترمذي: (حديث حسن)، انظر: "عون المعبود" (٦/ ٣٠٨)، "الإرواء" (٧/ ١٠٠).
(٢) "الإفصاح" (٢/ ١٤٤).
(٣) "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٩٤)، "فتح الباري" (٩/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>