للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أوقعه بلفظ الخلع وما أشبهه لم يقع، وإن أوقعه بلفظ الطلاق فهو طلاق، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها بعض الحنابلة (١)، واستدلوا بالآية الكريمة، وحديث ثوبان المتقدم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الخلع الذي جاء به الكتاب والسنة أن تكون المرأة كارهة للزوج تريد فراقه فتعطيه الصداق أو بعضه فداء نفسها كما يفتدي الأسير، وأما إذا كان كل منهما مريدًا لصاحبه فهذا الخلع محدث في الإسلام) (٢).

° الوجه الخامس: ظاهر الحديث أن مجرد وجود الشقاق من قِبَلِ المرأة كاف في جواز الخلع، وأنه يجوز للرجل أخذ العوض منها إذا كرهت البقاء معه.

والقول الثاني: أنه لا بد أن يقع الشقاق منهما جميعًا، لقوله تعالى: {إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩] ونسب ابن رشد هذا القول إلى داود الظاهري.

والقول الأول هو الصواب؛ لأن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - صريح فيما ذكر، وأما الآية فإن المراد فيها أن المرأة إذا لم تقم بحقوق الزوج من حسن المعاشرة والطاعة، كان ذلك مقتضيًا لبغض الزوج لها، فنسبت المخافة إليهما لذلك.

ومما يؤيد عدم اعتبار الشقاق من الجانبين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستفسر ثابتًا عن كراهته لها عند إعلانها بالكراهة له، ثم إن القول بالجواز إذا وقع الشقاق من قبل المرأة هو اللائق بيسر الإسلام، فإن القول الثاني، فيه حرج على المرأة إذا كرهت الزوج ولم تستطع البقاء معه، ولم يحصل من جانبه شيء.


(١) "الإنصاف" (٨/ ٣٨٣)، "الشرح الممتع" (١٢/ ٤٦٠).
(٢) "الفتاوى" (٣٢/ ٢٨٢)، "المغني" (١٠/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>