للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

° الوجه السادس: في الحديث دليل على أن الخلع لا بد أن يكون على عوض، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أتردين عليه حديقته"، ولقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، وإذا خالعها على غير عوض فأين الفداء؟.

وفي أخذ الزوج الفدية عدل وإنصاف؛ لأن الزوج هو الذي أعطاها المهر وبذل تكاليف الزواج وأنفق عليها، ثم هي بعد ذلك تطلب الفراق، فكان من الإنصاف أن ترد عليه ما أخذت منه؛ لأن ما فعلت منافٍ لشكر نعمة الزوج وإحسانه، وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي، وهو المذهب عند الحنابلة (١).

والقول الثاني: يصح الخلع على غير عوض، وهو رواية في المذهب الحنبلي، اختارها الخرقي، وابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية. وبه قال مالك (٢)، وذلك لأن الخلع قطع للنكاح، فَصَحَّ من غير عوض كالطلاق، ولأن المقصود من الخلع -وهو تخليص الزوجة نفسها- قد حصل، فصحَّ الخلع كما لو كان بعوض، ولأن العوض حق للزوج، فإذا أسقطه باختياره فلا حرج؛ كغيره من الحقوق، وأجابوا عن الآية بأنها محمولة على الغالب، وهو أن الزوج لا يفارق زوجته إلا بعوض.

° الوجه السابع: ظاهر الحديث أن الزوج يأخذ من زوجته ما أعطاها من الصداق بدون زيادة، لقوله: "أتردين عليه حديقته" وقد اختلف العلماء في أخذ الزيادة على ما أعطاها على أقوال ثلاثة:

الأول: أنه يجوز أخذ الزيادة، وهذا مذهب الجمهور (٣).

واستدلوا بما يلي:

١ - قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وهذا عام في القليل والكثير؛ لأن (ما) موصولة، وهي من صيغ العموم، قال مجاهد: (إذا خلعها


(١) انظر: "بدائع الصنائع" (٣/ ١٤٧)، "مغني المحتاج" (٣/ ٢٦٧)، "المغني" (١٠/ ٢٨٨).
(٢) "التذكرة" ص (٢٥٠)، "المغني" (١٠/ ٢٨٧)، "الاختيارات" ص (٢٥٣).
(٣) "شرح ابن بطال" (٧/ ٤٢٢)، "تفسير ابن كثير" (١/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>