للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جاز أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، ثم تلا: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (١). ونقل البخاري عن عثمان - رضي الله عنه - معلقًا (أنه أجاز الخلع دون عِقَاصِ رأسها) وعِقَاصُ الرأس: بكسر المهملة وتخفيف القاف، وآخره صاد مهملة: جمع عَقْصَةٍ، وهو ما يربط به شعر الرأس بعد جمعه. ومعناه: أنه أجاز للرجل أن يأخذ من المرأة في الخلع من قليل أو كثير، ولا يترك لها سوى عقاص رأسها (٢).

٢ - أن عوض الخلع كسائر الأعواض في المعاملات، فالقدر فيه راجع إلى الرضا، فإذا دفعت المرأة زيادة فلا مانع من أخذها.

القول الثاني: أنه لا يجوز الخلع بأكثر مما أعطاها، وهذا قول عطاء والزهري وجماعة (٣)، وهو رواية عن الإمام أحمد (٤)، وعلى هذا القول لا بد أن يرد الزيادة -على ما قاله بعض الحنابلة- إن كان أخذها، واستدلوا بهذا الحديث، وفيه عند ابن ماجه من طريق قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: (فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ حديقته ولا يزداد) (٥)، وحملوا الآية على معنى: فيما افتدت به من الذي أعطاها، لتقدم قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا} [البقرة: ٢٢٩] فردوا آخر الآية على أولها، أو يقال: الآية عامة، ولكنها خصصت بالسنة التي صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بعدم الزيادة (٦).

والقول الثالث: أن أخذ الزيادة مكروه ويصح الخلع، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، وبه قال بعض السلف (٧). ولعل هؤلاء يأخذون بأحاديث


(١) "فتح الباري" (٩/ ٣٩٧) قال الحافظ: (سنده صحيح).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٣) "المغني" (١٠/ ٢٦٩).
(٤) "الإنصاف" (٨/ ٣٩٨).
(٥) "سنن ابن ماجه" (٢٠٥٦) وإسناده صحيح، إلا أنه أُعل بأن الصواب إرساله، وله شواهد كلها مرسلة، لكن يعضد بعضها بعضًا، كما قال الحافظ. [انظر: "الإرواء" (٧/ ١٠٣ - ١٠٤)].
(٦) "نيل الأوطار" (٦/ ٢٨٢).
(٧) "المغني" (١٠/ ٢٧٠)، "الإنصاف" (٨/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>