للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثاني: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أن الطلاق غير محبوب لله تعالى، لما فيه من المفاسد والأضرار في حق الزوجين والأولاد، وهذا يدل على أنه ينبغي للزوج تجنب الطلاق ما أمكن.

ووصف الطلاق بالحل لا ينفي عنه الكراهة، بل إن صيغة الحديث ظاهرة في أن الطلاق مكروه لولا أن الله تعالى شرعه لمصلحة وحكمة تفوق كونه مكروهًا. وقد ذكر ابن الملقن أن الكراهة محمولة على الطلاق بدون سبب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على ابن عمر - رضي الله عنهما - طلاقه، كما سيأتي (١).

والطلاق عند الحاجة إليه نعمة كبيرة وفضل عظيم، إذ يحصل به الخلاص من العشرة المُرَّة، وفراق من لا خير في البقاء معه، إما لسوء الأخلاق، أو لضعف الدين، أو لغير ذلك مما يسبب قلق الحياة ونكد الاجتماع.

وقد استدل بعض العلماء بقوله تعالى في آية الإيلاء: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)} [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧] على أن الطلاق غير محبوب لله تعالى؛ لأن الله تعالى قدم الفيئة، وهي رجوع المولي إلى زوجته بالجماع، قدمها على الطلاق، وختمها باسمين من أسمائه دالين على المغفرة والرحمة، إشارة إلى أنها أحب إلى الله تعالى من الطلاق الذي ختمه باسمين فيهما معنى التهديد، وهما السميع العلم (٢).

والإِسلام قد شرع الطلاق في حدود معينة، وجعل له ضوابط محددة، واعتبره آخر مراحل العلاج، لو وقف الناس عندها لوقع موقعه، فكان علاجًا مأمون العاقبة، لا يورث ندمًا، ولا يعقب إثمًا (٣). لكن من الملاحظ كثرة الطلاق، ولا سيما عند الشباب، نتيجة التسرع وعدم التعقل والنظر في عواقب الأمور، فتراهم يطلقون لأمر تافه، ويعظم الأمر إذا طلق امرأة يحبها، أو له منها أولاد يحتاجون إلى رعايتها.


(١) "الإعلام" (٨/ ٣٤١).
(٢) "التفسير وأصوله" (٢/ ١٧٥)، "الشرح الممتع" (١٣/ ٨).
(٣) "الفرقة بين الزوجين" ص (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>