للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا التحريم خاص بالمدخول بها، أما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضًا وطاهرًا؛ لأن الله تعالى قال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وهذه لا عدة لها (١)، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة إلا ما نقل في رواية عن المالكية من المنع من الطلاق في الحيض ولو لغير المدخول بها (٢).

كما يستثنى من ذلك الطلاق حال العمل لو حصل لها فيه حيض -على القول بأن الحامل تحيض-؛ لأن عدتها وضع العمل، ويستثنى مسألة ثالثة تقدمت -في الخلع- وهي ما إذا كان الطلاق على عوض.

* الوجه الخامس: نُهي عن الطلاق حال الحيض لئلا تطول العدة على المرأة؛ لأن ما بقي من تلك الحيضة لا تعتد به في أقرائها، فتكون في تلك المدة كالمعلقة، لا معتدة ولا ذات زوج ولا فارغة من زوج. وقيل: لكون الحيضة حال نفرة وزهد في الوطء، فلعله يندم في زمان الطهر عند توقان النفس إلى الجماع، ولا مانع من اعتبار المعنيين.

* الوجه السادس: الطلاق في حال الحيض من الطلاق البدعي الذي ليس عليه أمر الشارع، ومن الطلاق البدعي -كما يفهم من الحديث- أن يطلق ذات الحيض في طهر جامعها فيه، وهذا الطلاق البدعي في الزمن، وأما الطلاق البدعي في العدد فهو طلاق الثلاث، كما سيأتي إن شاء الله.

ويقابل الطلاق البدعي الطلاق السني، وهو الموافق للطريقة التي سنها الله تعالى في إيقاع الطلاق، وهو أن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، كما دل عليه الحديث، أو يطلقها وهي حامل كما تقدم في رواية مسلم -على القول بثبوتها- وهو إذا طلقها في طهر لم يجامعها فيه فقد استقبلت العدة من الحيضة التي تلي هذا الطهر، فيكون طلقها لعدتها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي: مستقبلات عدتهن، وهو الوقت الذي تستقبل به العدة، أما إذا طلقها حائضًا


(١) "زاد المعاد" (٥/ ٢٢٠).
(٢) "المنتقى" (٤/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>