للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه (١). وقال ابن عبد البر عن هذه الرواية: (لم يعرج عليها أحد متفقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والمغرب والمشرق والشام … ) (٢)، وذكر ابن رجب إجماع الأمة على ترك العمل بها (٣).

٢ - أنه يطرقه احتمالات عديدة، منها: أن يكون المراد بهذا الحديث أن الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يوقعون طلقة واحدة، ثم صاروا يتجرؤون ويطلقون ثلاثًا، ومنها: أنه وارد في تكرير اللفظ؛ لأن الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وأول خلافة عمر كانت نياتهم صحيحة، وقلوبهم سليمة، فيقصدون بالتكرار التأكيد لا العدد، ولما فسدت نياتهم صارت إرادة التأكيد منهم غير مقبولة، فجعل عمر - رضي الله عنه - اللفظ على ظاهره، وأمضاه عليهم.

٣ - أن الحديث محمول على غير المدخول بها، بدليل رواية أبي داود من طريق أيوب، عن غير واحد، عن طاوس، أن رجلًا يقال له: أبوالصهباء، كان كثير السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة … ، قال ابن عباس: بلى (٤).

قالوا: ووجه التفريق بين ما قبل الدخول وما بعده؛ أنه إذا كان التتابع قبل الدخول بانت بالأولى، فتصادفها الطلقة التي بعدها وهي أجنبية، فلا تقع عليها، بخلاف ما بعد الدخول فإنها لا تبين بالأولى.

٤ - أن هذا الحديث منسوخ، وذلك أن ابن عباس قد أفتى بوقوع الثلاث (٥)، فيشبه أن يكون ابن عباس قد علم شيئًا نسخ هذا الحديث، كما نقله البيهقي عن الشافعي (٦).

هذا بعض مما وُجِّه إلى الحديث، وقد ذكر الحافظ هذه الاعتراضات،


(١) "شرح العلل" لابن رجب (١/ ١٦، ٤١٠).
(٢) "الاستذكار" (١٧/ ١٥).
(٣) انظر: "سير الحاث" ص (٢٩).
(٤) "سنن أبي داود" (٢١٩٩)، وهذه الرواية معلولة، كما سيأتي.
(٥) "المغني" (١٠/ ٣٣٤)، "سير الحاث" ص (٢٩).
(٦) "السنن الكبرى" (٧/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>