للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طلقة واحدة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات … فهذا مردود؛ لأن من لم يطلق إلا واحدة لا يقع عليه إلا واحدة في كل زمان ومكان؛ في زمن عمر وما قبله وما بعده، وأما قولهم: إنه محمول على من أراد التأكيد وهذا في الزمن الأول … فهذا تأويل لا يعتد به، لأمرين:

الأول: أن نية التأكيد بالتكرار لا فرق فيها بين عهد عمر وغيره إلى يوم القيامة، فمتى نوى بالتكرار التأكيد أو الإفهام لم يتعدد الطلاق بتعدده قولًا واحدًا، لا في زمن عمر ولا قبله ولا بعده.

الثاني: أنه لو كان المعنى ما ذكر هؤلاء لم يستقم قول عمر: (أرى الناس قد استعجلوا) ولقال: أرى الناس قد تغيروا وفسدت نياتهم، فلا نقبل منهم دعوى التوكيد.

على أنه ثبت في "الصحيحين" أن عويمرًا العجلاني لما لاعن زوجته طلقها ثلاثًا بفم واحد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، مما يدل على أن إيقاع الثلاث المتعاقبة كان موجودًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

٤ - أما حمل الحديث على غير المدخول بها استنادًا إلى رواية أبي داود، فهذا مردود؛ لأن رواية أبي داود ضعيفة؛ لأنها عن أيوب السختياني، عن غير واحد، وهذا صريح في أن من روى عنهم أيوب مجهولون، وعلى فرض ثبوتها (٢)، فإن ذكر غير المدخول بها من باب ذكر بعض أفراد العام بحكم العام، وهذا لا يقتضي التخصيص، وأيضًا فإن كلام ابن عباس هذا وارد على سؤال أبي الصهباء، وأبو الصهباء لم يسأل إلا عن غير المدخول بها، فجواب ابن عباس لا مفهوم له، كما في علم الأصول (٣).

٥ - وأما قولهم: بأن الحديث منسوخ، فهو مردود -أيضًا- فإن ابن


(١) رسالة الشيخ محمَّد بن عثيمين في "طلاق الثلاث" [مخطوطة].
(٢) انظر: "سير الحاث" (٣٠).
(٣) انظر: "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>