للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ركانة بن عبد يزيد أخو بني مطلب امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، قال: فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا، قال: فقال: "في مجلس واحد؟ " قال: نعم، قال: "فإنما تلك واحدة، فارجعها إن شئت" قال: فَرَجَعَهَا.

وهذا إسناد ضعيف -أيضًا- أُعل بثلاث علل:

الأولى: أنه من رواية داود بن الحصين، عن عكرمة، وقد ضعف الأئمة روايته عن عكرمة؛ لأن فيها نكارة، قال ابن المديني: (ما روى عن عكرمة فمنكر)، وقال أبو داود: (أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة مناكير)، وقال الذهبي: (ثقة مشهور، له غرائب تستنكر)، وقال الحافظ في "التقريب": (ثقة إلا في عكرمة) (١).

الثانية: أن الحديث مخالف للمشهور عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، فإنه كان يفتي بخلافه، قال البيهقي: (هذا إسناد لا تقوم به حجة مع ثمانية رووا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فتياه بخلاف ذلك) (٢).

الثالثة: أن الحديث مخالف لما رواه أهل بيت ركانة من أن طلاقها كان واحدة وليس ثلاثًا، كما سيأتي، ولذا قال ابن عبد البر: (هذا حديث منكر خطأ، وإنما طلق ركانة زوجته البتة، لا ثلاثًا، كذلك رواه الثقات أهل بيت ركانة، العالمون به، … وحديث الشافعي أنه طلقها البتة أصح؛ لأنهم أهل بيته، وهو أعلم بهم، ورواية الشافعي لحديث ركانة، عن عمه أتم، وقد زاد زيادة لا تردها الأصول، فوجب قبولها، لثقة ناقليها) (٣).

وقد ذهب شيخ الإِسلام ابن تيمية إلى تقوية الحديث، فقال: (هذا إسناد جيد، وله شاهد آخر رواه أبو داود. . .) (٤)، وذكر هو وابن القيم أن الأئمة


(١) "من تُكُلِّمَ فيه وهو موثق" ص (٧٦)، "تهذيب التهذيب" (٣/ ١٥٧).
(٢) "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٩).
(٣) "الاستذكار" (١٧/ ٢١، ٢٧)، وقارنه بـ "الاستذكار" ضمن "موسوعة شروح الموطأ" (١٤/ ٤٩٣).
(٤) "الفتاوى" (٣٣/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>