الملك بعقد النكاح على الزوجة، وأن الزوج إذا طلق المرأة قبل النكاح فلا طلاق له.
وظاهر الحديث العموم، وأنه لا فرق بين الطلاق المنجز والمعلق، أما المنجز فبالإجماع لا يقع فيه الطلاق، كما لو قال: فلانة طالق، فلا يقع عليها الطلاق، وهي ليست زوجة له، أو يقول: عبدُ فلان حر، وهو ليس عبدًا له. وأما الطلاق المعلق؛ كقوله: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق، فالجمهور أنه لا يقع، وقد ترجم البخاري في "صحيحه" فقال: (باب، لا طلاق قبل نكاح) ثم ذكر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)} [الأحزاب: ٤٩] ونقل عن ابن عباس أنه قال: جعل الله الطلاق بعد النكاح، ثم ذكر البخاري أنه قول علي - رضي الله عنه -، وسرد اسم ثلاثة وعشرين من التابعين أنهم قالوا بعدم الوقوع (١).
ولأن المطلِّق قبل النكاح مطلق امرأةً أجنبية؛ لأنها حين أنشأ الطلاق أجنبية منه، والمتجدد هو نكاحها، فهو كما لو قال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق، فدخلت وهي زوجته، لم تطلق إجماعًا.
وفائدة ذلك معرفة أنه لا يقع طلاق على هذه المرأة بعد عقد النكاح عليها، وأما قبل العقد فكل أحد يعلم بعدم الوقوع قبل عقد النكاح.
والقول الثاني: أن الطلاق قبل النكاح يقع مطلقًا، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه.
والقول الثالث: التفصيل، وهو أنه إن خص امرأة أو أسرة معينة أو بلدًا وقع الطلاق، كما لو قال: كل امرأة أتزوجها من بني فلان، أو من بلد كذا فهي طالق، وإن عمَّ فقال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق لم يقع شيء، وهذا قول مالك وأصحابه.