للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: استدل بهذا الأثر من قال: إن الرجعة لا تكون إلا بالقول؛ كراجعت وارتجعت وأمسكت وأعدت ونحو ذلك مما يؤدي المقصود، وحصول الرجعة بالقول محل اتفاق (١).

ووجه الاستدلال: أنه ذكر الإشهاد على الرجعة، ولا إشهاد إلا على القول.

وقد وقع الخلاف في حصول الرجعة بالفعل، وهو الوطء، على قولين:

الأول: أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول، ولا تحصل بالفعل، وهو قول الشافعي، ورواية عن أحمد، وظاهر كلام الخرقي (٢)، وهو قول ابن حزم (٣)؛ لأن إعادة الزوجة بعد الطلاق إنشاء للزواج من وجه، فلا بد فيها من القول، ولأن غير القول فِعْلٌ مِنْ قادرٍ على القول، فلم تحصل به الرجعة؛ كالإشارة من الناطق.

القول الثاني: أن الرجعة تحصل بالوطء، وهو رواية عن أحمد، وقول مالك، وأبي حنيفة، ولكنهم اختلفوا في اشتراط نية الرجعة، فقيل: لا تحصل الرجعة بالفعل إلا مع النية، وهو أن يجامعها بنية المراجعة، وهو رواية عن أحمد، ومذهب مالك (٤)؛ لأن الفعل عند مالك ينزل منزلة القول مع النية، ولعموم: "إنما الأعمال بالنيات"، ولأن هذه مدة تنتهي إلى بينونة، فترتفع بالوطء؛ كمدة الإيلاء.

وعن أحمد تحصل الرجعة بالوطء، سواء نوى به الرجعة أم لا، اختارها ابن حامد، والقاضي، وهو قول جماعة من السلف، وأصحاب الرأي (٥).

والظاهر أن الرجعة تحصل بالوطء مع نية المراجعة، لقوة مأخذه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: (وهو أعدل الأقوال الثلاثة في مذهب


(١) "المغني" (١٠/ ٥٦٠).
(٢) "الأم" (٦/ ٦٢١)، "المغني" (١٠/ ٥٥٩).
(٣) "المحلى" (١٠/ ٢٥١).
(٤) "المدونة الكبرى" (٢/ ٢٢٤).
(٥) "المغني" (١٠/ ٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>