للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشرعًا: تشبيه زوجته أو بَعْضِها في التحريم بمن تحرم عليه تحريمًا مؤبدًا أو ببعضها.

وقولنا: (أو بعضها) أي: كَيَدِها أو ظهرها أو بطنها، فهذا ظهار؛ لأن التحريم لا يتبعض.

وقولنا: (بمن تحرم عليه … ) أي: بنسب كأمه وأخته، أو برضاع كأخته منه، أو بمصاهرة كأم زوجته.

ومفهومه أن المحرَّمة إلى أمد كأخت زوجته وعمتها لا يكون التشبيه بها ظهارًا؛ لأنها غير محرمة على التأبيد.

والقول الثاني: أنه ظهار؛ لأنه شبهها بمحرمة، فأشبه ما لو شبهها بالأم (١)، والأول أقرب (٢).

قوله: (حتى تفعل ما أمرك الله) أي: كفارة الظهار المنصوص عليها في القرآن، وهذا يشعر بأن الآيات قد نزلت من قبل، كما سيأتي.

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على تحريم الظهار؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمره فيه بالكفارة، وقد أجمع أهل العلم على ذلك؛ لأنه منكر من القول وزور، حيث شبه أحل الأشياء منه بأعظمها تحريمًا، وقد دل على تحريمه القرآن، قال تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)} [المجادلة: ٢] وقد ذكر المفسرون أن آيات الظهار التي في أول سورة المجادلة نزلت في أوس بن الصامت الأنصاري الخزرجي - رضي الله عنه - لما ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة - رضي الله عنها - (٣).

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن من ظاهر من زوجته فشبهها بظهر أمه في التحريم ثم أراد أن يجامعها فعليه أن يكفر عن ظهاره قبل


(١) "المغني" (١١/ ٥٨).
(٢) "الشرح الممتع" (١٣/ ٢٣٨).
(٣) انظر: "المحرر في أسباب نزول القرآن" (٢/ ٩٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>