للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بالنسخ هو رأي الأكثرين، كما قال ابن كثير (١)، يرون أن آية: {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} منسوخة بآية: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وهذا الموضع وقع فيه الناسخ مقدمًا في التلاوة على المنسوخ (٢).

قالوا: وحديث الباب ترويه امرأة غير معروفة بحمل العلم، وإيجاب السكنى إيجاب حكم، والأحكام لا تجب إلا بنص كتاب أو سنة ثابتة أو إجماع (٣).

والراجح هو الأول، لقوة دليله، فإنه نص في الموضوع، ولم يأت من خالفه بما ينهض لمعارضته فالتمسك به متعين (٤).

أما ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فهو قول صحابي، ومن شرط حجيته عند القائلين به ألا يخالف نصًّا ولا قول صحابي آخر، فإن خالف نصًّا أخذ بالنص، وهو حديث فريعة، وإن خالف قول صحابي آخر أُخذ بالراجح، وقد خالف ابنَ عباس عمرُ وعثمانُ رضي الله عن الجميع، والحديث معهما، قال ابن عبد البر في الرد على من طعن في الحديث: (أما السنة فثابتة بحمد الله، وأما الإجماع فمستغنى عنه مع السنة؛ لأن الاختلاف إذا نزل في مسألة كانت الحجة في قول من وافقته السنة، وبالله التوفيق) (٥). وقال ابن القيم: (وقد تلقى الحديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بالقبول، وقضى به بمحضر المهاجرين والأنصار) (٦).

أما القول بان قوله تعالى: {غَيرَ إِخْرَاجٍ} منسوخ، فهذا فيه نظر لأمرين:

الأول: وجود الخلاف في الناسخ، كما حكى ابن كثير عن ابن عباس أن الناسخ الآية المذكورة، وبه قال جماعة من السلف، ويروى عن قتادة أن الناسخ آية الميراث، وعن سعيد: الناسخ آية الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا


(١) "تفسير ابن كثير" (١/ ٤٣٧).
(٢) "الإيضاح" لمكي ص (١٥٤).
(٣) "التمهيد" (٢١/ ٣١).
(٤) "نيل الأوطار" (٦/ ٣٣٧).
(٥) "التمهيد" (٢١/ ٣١).
(٦) "زاد المعاد" (٥/ ٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>