للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهن على خلاف قول عائشة -رضي الله عنها-، فقد روى مسلم عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تقول: (أبي سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل عليهن أحد بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا) (١).

وذهب الجمهور من أهل العلم من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى أن رضاع البالغ لا يحرم، واستدلوا بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ} [لبقرة: ٢٣٣] وبالحديث المتقدم: "إنما الرضاعة من المجاعة" قالوا: فهذا نص خرج مخرج الحصر، دالٌّ على أن حكم الرضاعة خاص بمن يشبعه اللبن، ويكون غذاءه لا غير، وهذا لا يتأتى في رضاع الكبير. كما استدلوا بحديث أم سلمة الآتي.

وأجابوا عن قصة سالم بأنها خاصة به خصوصية عين لا تتعداه إلى غيره، وقد حكم بالخصوصية أمهات المؤمنين، كما تقدم، أو أنها منسوخة، قال الشافعي: (وهذا -والله تعالى أعلم- في سالم مولى أبي حذيفة خاصة) (٢).

وقال ابن المنذر: (وليس تخلو قصة سالم أن تكون منسوخًا أو خاصًّا بسالم كما قالت أم سلمة وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن بالخاص والعام والناسخ والمنسوخ أعلم) (٣). واختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز (٤).

والقول الثالث: أن الحكم خاص بسالم وبمن يشبه حاله، وهذه خصوصية وصف، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، واختاره ابن القيم (٦)، والصنعاني تبعًا للشارح حسين بن محمد المغربي، ومن بعدهما الشوكاني (٧).


(١) "صحيح مسلم" (١٤٥٤).
(٢) "الأم" (٦/ ٧٩).
(٣) "الإشراف" (٤/ ١١٢).
(٤) "الفتاوى" (٢٢/ ٢٦٤).
(٥) "مجموع الفتاوى" (٣٤/ ٦٠).
(٦) "زاد المعاد" (٥/ ٥٩٣).
(٧) "البدر التمام" (٤/ ٢٣٤)، " سبل السلام" (٦/ ٣٣٦)، "نيل الأوطار" (٦/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>