للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الخامس: الحديث دليل على أن القول قول الزوجة في قبض النفقة، ووجه الاستدلال: أنه لو كان القول قول الزوج لكلفت المرأة أن تقيم بينة على إثبات عدم الكفاية، فلما سلطها الشارع على ماله دل على أن القول قولها، ومن قال: إن القول قول الزوج أجاب عن الحديث بأنه ليس قضاء وإنما هو فتيا (١).

* الوجه السادس: الحديث دليل على أن من وجبت عليه النفقة فلم ينفق شحًّا فإنه يؤخذ من ماله ولو بغير علمه؛ لأنها نفقة واجبة عليه، وقد ذكر أهل العلم أن هذا ليس خاصًّا بالنفقة بل هو عام في كل من له حق على إنسان وامتنع عن أدائه، وتسمى مسألة الظفر، وهي مسألة خلافية تقدم بحثها في باب "العارية" (٢) والراجح -كما تقدم- أنه إن كان الحق ظاهرًا لا يحتاج إلى بينة كالنفقة وحق الضيف جاز الأخذ، وإن كان الحق خفيًّا كالدين أو ثمن المبيع ونحو ذلك مما خفي لم يجز الأخذ، والله أعلم.

* الوجه السابع: في الحديث دليل على أن المعتبر في النفقة الواجبة الكفايةُ المعتبرةُ بالمعروف، والمعروف يقضي بمراعاة أمور كثيرة تختلف باختلاف البلاد والأزمنة.

والقول بأن النفقة معتبرة بالكفاية، وليست مقدرة بشيء معين هو قول أكثر أهل العلم (٣).

ووجه الاستدلال: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر هندًا أن تأخذ كفايتها من غير تقدير، ورد الاجتهاد في ذلك إليها مع التقييد بالمعروف؛ أي: المتعارف عليه بين كل جهة باعتبار ما هو الغالب على أهلها، ولم يعتبرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمقدار معلوم.

والمشهور في مذهب الشافعي، ورواية عن مالك أن النفقة مقدرة بالأمداد على الموسر كل يوم مدان، وعلى المعسر مد، وعلى المتوسط مد


(١) "الإعلام" (١٠/ ٢٠).
(٢) انظر: "شرح الحديث" (٨٩٠).
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ١٠٤)، "المغني" (١١/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>