للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونصف، قياسًا على فدية الأذى في الحج، وكفارة الجماع في رمضان (١).

والصواب الأول، ولذا قال النووي -وهو من الشافعية-: (إن هذا الحديث يرد على أصحابنا) أي: لأنه نص صريح في اعتبار الكفاية بدون تقدير شيء معين، لكن قال الحافظ: إنه ليس صريحًا في الرد عليهم، دانما التقدير بالأمداد يحتاج إلى دليل (٢)، وعلى أي حال فالظاهر أن جميع أنواع النفقة غير مقدرة شرعًا، لأنها تختلف باختلاف الزمان والمكان، فيكون مرجعها إلى العرف الذي يتمشى مع أحكام الشرع ومقاصده.

* الوجه الثامن: استدل العلماء بهذا الحديث على أن المعتبر في نفقة الزوجة عند النزاع منظور فيه إلى حالها وقدر كفايتها دون حال زوجها، وهذا قول بعض الحنفية، لقوله: "خذي ما يكفيك" (٣).

والقول الثاني: أن النفقة معتبرة بحال الزوجين معًا، فإن كانا موسرين فلها عليه نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا فعليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر، وهذا مذهب الحنابلة، والمالكية، واختاره الخصاف من الحنفية، وقال صاحب "الهداية": (وعليه الفتوى) (٤)، قال الموفق: (وفيه جمع بين الأدلة وعمل بها ورعاية لكلا الجانبين) (٥).

وقد استدل هؤلاء بقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧] مع حديث هند الذي معنا.

والقول الثالث: أن النفقة معتبرة بحال الزوج وحده يسارًا وإعسارًا، فإن كان غنيًّا ألزم عند النزاع بنفقة غني، وإن كان فقيرًا فنفقة فقير ولو كانت هي غنية.


(١) "مغني المحتاج" (٣/ ٤٢٦).
(٢) "شرح النووي على صحيح مسلم" (١١/ ٢٤٨)، "فتح الباري" (٩/ ٥٠٩).
(٣) "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٦٠٣).
(٤) "المدونة الكبرى" (٢/ ١٩٢)، "بداية المجتهد" (٣/ ١٠٤)، "الهداية" (٢/ ٣٩).
(٥) "المغني" (١١/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>