للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا قول الشافعية والظاهرية، وظاهر الرواية عند الحنفية؛ للآية الكريمة المذكورة، ولقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] حيث إن ظاهرهما يفيد أن المعتبر حال الزوج (١)، إلا أن الشافعية استثنوا المسكن، فالمعتبر فيه حال الزوجة لا حال الزوج (٢).

وهذا القول قوي جدًّا، فإن الآية دليل واضح على أن الزوج لا يكلف أكثر مما يطيق، وحديث هند -في نظري- ليس فيه دليل على أن المعتبر حال الزوجة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف حال أبي سفيان وأنه قادر على الإنفاق، فأمرها أن تأخذ ما يكفيها؛ لأن من يعطي بعض النفقة ويمنع بعضها قادر على أن يؤخذ من ماله ما يكفي زوجته وأولاده.

* الوجه التاسع: في الحديث دليل على أن المرأة إذا قَدِرَتْ على أخذ كفايتها من مال زوجها لم يكن لها إلى الفسخ سبيل، وسيأتي -إن شاء الله- حكم ما إذا عَجَزَ الزوج عن الإنفاق.

* الوجه العاشر: في الحديث دليل على أن ما لم يقدره الله ورسوله من الحقوق الواجبة فالمرجع فيه إلى العرف.

* الوجه الحادي عشر: في الحديث دليل على أن ذم الشاكي لخصمه بما هو فيه حال الشكاية لا يكون غيبة، فلا يأثم به هو ولا سامعه بإقراره عليه (٣).

* الوجه الثاني عشر: جواز سماع كلام المرأة الأجنبية عند الإفتاء والحكم وما فيه معنى ذلك، وقد شرط الفقهاء لذلك أمن الفتنة وعدم التلذذ بكلامها، لقوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: ٣١] قال الجصاص: (فإذا كانت منهية عن إسماع صوت خلخالها، فكلامها إذا كانت شابة تُخشى من قِبَلِهَا الفتنة أولى بالنهي عنه) (٤).


(١) "المحلى" (١٠/ ٩١ - ٩٢)، "مغني المحتاج" (٣/ ٤٢٦)، "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٦٠٣).
(٢) "مغني المحتاج" (٣/ ٤٣٢).
(٣) "شرح النووي على صحيح مسلم" (١١/ ٢٨٤)، "إعلام الموقعين" (٦/ ٤٨٠).
(٤) "أحكام القرآن" (٥/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>