للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني في المسألة: أنه لا حق للمرأة في الفسخ، وإنما تطلب من القاضي أن يفرض لها نفقة وتستدين عليه، وهذا مذهب الحنفية والشافعية في قول مرجوح، وأهل الظاهر، وهو مروي عن عطاء والزهري والثوري وابن شبرمة (١). واستدلوا:

١ - بأنه لم يرد دليل صريح على جواز التفريق لعدم الإنفاق.

٢ - أن الله تعالى ندب إلى النكاج مع الفقر، فقال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢] فلا يصح أن يكون الفقر سببًا للتفريق.

٣ - أن الصحابة - رضي الله عنهم - كان فيهم الموسر والمعسر، بل كان أكثرهم معسرين، ولم يؤثر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بين زوجين لعدم إنفاق الزوج.

٤ - أن الامتناع عن الإنفاق للعسر ليس ظلمًا، فلا يكون مسوغًا للتفرق، وتكون النفقة حينئذٍ دينًا، والله تعالى يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].

وأجابوا عن أدلة الأولين بأن المراد بها الممتنع عن الإنفاق مع القدرة عليه إذا تعين التفريق طريقًا لرفع ظلمه، أما المعسر فلا ظلم منه فلا يصح التفريق عليه.

والقول الثالث: أنه إذا أعسر الزوج بالنفقة وكانت زوجته موسرة وجب عليها أن تنفق عليه، ولا ترجع عليه بما أنفقت إذا أيسر، وهذا قول ابن حزم؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] فقد جعل الله على الوارث القادر نفقة مورثه العاجز، والمرأة وارثة لزوجها، فعليها إذا كانت موسرة نفقته إذا كان معسرًا، قال ابن حزم: (الزوجة وارثة فعليها نفقته بنص القرآن) (٢).

وهذا استدلال مردود؛ لأن هذه الآية جاءت في النفقة الواجبة للوالدات


(١) "فتح القدير" (٣/ ٣٢٩)، "المحلى" (١٠/ ٩١ - ٩٢).
(٢) "المحلى" (١٠/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>