للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب بعض العلماء إلى أن أصول الدية هي الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة، وهذا هو الصَّحيح من المذهب عند الحنابلة، وهو قول عطاء وطاوس، وفقهاء المدينة السبعة، واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن عمر - رضي الله عنه - قام خطيبًا فقال: ألا إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها عمر على أهل الذَّهب ألف دينار، وعلى أهل العروض اثنى عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة (١).

والقول الأول أرجح.

ومما يؤيد أن الأصل هي الإبل:

١ - أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فرق بين دية العمد والخطأ، فغلَّظ بعضها، وخفف بعضها، كما سيأتي، والتغليظ والتخفيف لا يتحقق في غير الإبل.

٢ - أنَّه جاء في حديث عمرو بن شعيب: "والمأمومة ثلث العقل ثلاث وثلاثون من الإبل أو قيمتها من الذَّهب أو الورق أو البقر أو الشاء … " (٢).

٣ - أن ديات الأعضاء والشجاج كل ذلك مقدر بالإبل، كما في حديث الباب وغيره، ولو كان غيرها أصلًا لثبتت في هذه الأشياء.

وأمَّا حديث عمرو بن شعيب فليس فيه دليل على أن المذكور أصول، بل هو دليل على أن الإبل أصل، ولو كانت أصولًا لم يكن إيجابها تقويمًا للإبل ولا كان لغلاء الإبل أثر في ذلك ولا لذكره معنى.

° الوجه السادس: في الحديث دليل على أن ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية كاملة، كالأنف واللسان والذكر.

أما الأنف فقد أجمع أهل العلم على وجوب الدية كاملة في استئصاله، لقوله: "وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية"، ويشهد لهذا حديث عبد الله بن


(١) رواه أبو داود (٤٥٤٢)، والبيهقيّ (٨/ ٧٧).
(٢) "المسند" (١١/ ٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>