للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ركضتني منها ناقة) أي: ضربتني برجلها، وأراد بهذا أنه ضبط الحديث وحفظه حفظًا بليغًا، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَّم الإبل لأولياء القتيل، كما جاء في بعض الروايات.

° الوجه الثالث: هذا الحديث هو الأصل في مسألة القسامة، قال القاضي عياض: (حديث القسامة المذكور أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ كافة الأئمة … ) (١)، وقال ابن الملقن: (هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الأحكام، وأصل في القسامة وأحكامها) (٢).

وصفتها: أن يوجد قتيل ولا يعرف قاتله، ولا تقوم البينة على من قتله، فيدعي أولياء المقتول على واحد أو جماعة قتله، وتقوم القرائن على صدق الولي المدعي.

ولا بد في القسامة من أربعة شروط مأخوذة من أدلتها:

الأول: أن تكون الدعوى على قتل يوجب القصاص إذا ثبت القتل؛ لأن الأصل فيها حديث الباب، وهو في دعوى قتل.

فإن كانت الجناية فيما دون النفس من الأطراف والجراح فلا قسامة -على أحد القولين- لأن القسامة ثبتت في النفس لحرمتها؛ ولأن المجني عليه لا يمكنه التعبير عن نفسه وتعيين قاتله، ومن قُطِعَ طرفه أو جُرح أمكنه ذلك، قال الموفق ابن قدامة: (لا أعلم بين أهل العلم في هذا اختلافًا) (٣).

الثاني: أن تكون الدعوى على شخص معين، لقوله كما في بعض الروايات: (فيحلف خمسون منكم على رجل منهم، فيدفع برمته)، فإن كان مبهمًا، أو كانت الدعوى على أهل مدينة أو حَيٍّ من الأحياء فلا قسامة.

الشرط الثالث: اتفاق الأولياء في الدعوى، فإن ادعى بعضهم وأنكر


(١) "إكمال المعلم" (٥/ ٤٤٨).
(٢) "الإعلام" (٩/ ٥٨).
(٣) "المغني" (١٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>