للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هذه القواعد:

١ - أنه لا يجهز على الجريح منهم؛ لأن شَرْطَ حِلِّ قتالهم كونهم مقاتلين، والجريح تمنعه جراحته عن القتال.

٢ - أنه لا يقتل أسيرهم، فإذا دخل في الطاعة خلي سبيله، وإن أبي ذلك وكان رجلًا جلدًا من أهل القتال حبس ما دامت الحرب قائمة، فإذا انقضت خلي سبيله، وشرط عليه ألا يعود إلى القتال (١).

٣ - ألا يطلب هاربهم؛ لأن الغرض من قتالهم هو إخماد فتنتهم، وهذا متحقق بتفرقهم، وعلى هذا فلا يطلب الهارب منهم، ولا يتبع مدبرهم، إلا إذا كان له فئة أخرى من أهل البغي، يأوي إليها، فإنه يجوز قتله في هذه الحال؛ لأنه يُخاف من عوده مرة أخرى (٢).

والقول بجواز قتله هو قول أبي حنيفة وبعض الشافعية، ورجحه الشوكاني، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] والهارب والجريح لم يحصل منهما فيئة.

والقول الثاني: أنه لا يجوز قتله؛ لأن القصد دفع البغاة في تلك الحال، وقد وقع، وهذا قول الشافعي ومن وافقه، أخذًا بعموم النهي، وأجابوا عن الآية بأنه لا دليل فيها؛ لأن المراد بالفيئة إلى أمر الله ترك الصولة والاستطالة، وقد حصل ذلك من الهارب والجريح الذي لا يقدر على القتال (٣).

٤ - ألا تغنم أموالهم، وذلك لأن قتالهم إنما هو لدفع شرهم وردهم إلى الحق لا لكفرهم، وعلى هذا فلا يستباح منهم إلا ما اقتضته الضرورة، كدفع الصائل، ويبقى حكم المال وكذا الذرية والنساء على أصل العصمة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} قال الشافعي:


(١) "المغني" (١٢/ ٢٣٥).
(٢) "الفتاوى" (٣٥/ ٥٢).
(٣) "نيل الأوطار" (٧/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>