البيهقي (٨/ ٢٣٢) عنه قال: ينظر أعلي بناء في القرية فيرمى به منكسًا، ثم يتبع الحجارة.
وأما الجملة الثانية فقد روى البيهقي (٨/ ٢٣٤) عن عاصم بن بهدلة، عن أبي رَزِين، سئل ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عن الذي يأتي البهيمة، قال: لا حدَّ عليه.
فهذا الاختلاف عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يدل على أنَّه ليس عنده فيهما سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنَّما تكلم باجتهاده.
والحق أن ما جاء عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بالنسبة للجملة الأولى لا يعد اختلافًا؛ لأن الحديث ورد بالقتل، وما ورد عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - صور من صور هذا القتل.
وأما بالنسبة للجملة الثانية فهو اختلاف، وقد اختلفت كلمة العلماء في الخروج من هذا الاختلاف.
فالإمام أحمد (١) وأَبو داود والترمذي وآخرون رجحوا حديث عاصم في أن الذي يأتي البهيمة لا حد عليه، وهو الذي يظهر من كلام البخاري، كما تقدم، وذلك لضعف عمرو بن أبي عمرو.
والبيهقي وجماعة رجحوا رواية عمرو بن أبي عمرو لأمور ثلاثة:
١ - أن القاعدة في مثل هذا تقديم الرواية على الرأي، فإنه لا حكم لرأي ابن عبَّاس إذا انفرد، فكيف إذا عارض المروي، فيترجح المرفوع على الموقوف.
٢ - أن عمرًا تابعه على روايته جماعة، كما عند عبد الرزاق في "مصنفه".
٣ - أن عمرًا لا يقصر عن عاصم في الحفظ، بل لعله خير منه في الحديث، فقد قال الحافظ عن عاصسم:(صدوق له أوهام) وقال عن عمرو: (ثقة ربما وهم) وتقدم من وثقه، ولكن المعوَّل في هذا الأمر العظيم على ما قاله كبار الأئمة، أمثال أحمد والبخاري، كما تقدم.
(١) انظر: "مسائل الإِمام أحمد" رواية ابنه عبد الله ص (٣٢٦)، "المغني" (١٢/ ٣٥٢).