للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثاني: اتفق أهل العلم على تحريم عمل قوم لوط وأنه من كبائر الذنوب، وقد ذم الله تعالى هذه الفعلة الشنيعة، وقص علينا قصتهم تحذيرًا لنا أن نسلك سبيلهم، فيصيبنا ما أصابهم، وذلك في أكثر من موضع في القرآن.

وقد اختلف العلماء في عقوبة هذه الجريمة على ثلاثة أقوال:

الأول: أنَّه يقتل الفاعل والمفعول به مطلقًا، سواء أكانا محصنين أو بكرين، أو أحدهما محصنًا والآخر بكرًا، وهذا قول مالك، وأحد قولي الشَّافعي، ورواية عن أحمد، وصفها ابن القيم بأنها أصح الروايتين، وحكى ابن قدامة، وابن تيمية، وابن القيم، إجماع الصحابة على هذا القول (١)، واستدلوا بحديث ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - رقِي هذا، لكنهم اختلفوا في كيفية قتله، على خمسة أقوال:

الأول: أنَّه يقتل بالسيف، لظاهر حديث ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، فإن القتل إذا أطلق انصرف إلى القتل بالسيف.

القول الثاني: أنَّه يرجم بالحجارة؛ لحديث أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يعمل عمل قوم لوط قال: "فارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعًا" (٢)، وهو قول عمر وعلي وابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَ -.

والقول الثالث: أنَّه يرفع على أعلي بناء في البلد فيرمى منه منكسًا ويتبع بالحجارة؛ لأن هذه عقوبة الله تعالى بقوم لوط، كما قال تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤)} [الحجر: ٧٤]، قال الشنقيطي: (وهذا غير ظاهر؛ لأن قوم لوط لم يكن عقابهم على اللواط وحده، بل عليه وعلى الكفر وتكذيب نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، فهم قد جمعوا إلى اللواط ما هو أعظم من اللواط،


(١) "تبصرة الحكام" (٢/ ٢٦١)، "المغني" (١٢/ ٣٤٨)، "مغني المحتاج" (٤/ ١٤٤)، "الداء والدواء" ص (٢٤٦).
(٢) رواه ابن ماجة (٢٥٦٢)، وسنده ضعيف؛ لأن فيه عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ضعيف من قبل حفظه، وقد أشار إلى هذا التِّرمِذي في "جامعه" بإثر الحديث (١٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>