للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو الكفر بالله وإيذاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -) (١).

والقول الرابع: أنَّه يحرق بالنار؛ وهو قول أبي بكر وعلي وابن الزُّبَير -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وكأن عليًّا يرى الرجم ويرى التحريق.

والقول الخامس: يهدم عليه حائط، وهذا مروي عن عمر وعثمان وعلي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -.

والقول الثاني في المسألة: أنَّه يحد حد الزاني، فيجلد مائة ويغرب إن كان بكرًا، ويرجم إن كان محصنًا، وهذا قول للشافعي، ورواية عن أحمد، وقول جماعة من السلف ذكرهم ابن القيم، وهؤلاء أطلقوا عليه أنَّه زنى وجعلوا تعريف الزنا شاملًا له (٢)، واستدلوا بدليلين:

الأول: حديث أبي موسى - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان" (٣).

الثاني: القياس على الزنا بجامع أن الكل إيلاج فرج في فرج، فهو وطء في محل محرم.

واعتذروا عن حديث ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بأن فيه مقالًا، فلا ينتهض على إباحة دم المسلم.

والقول الثالث: أن اللائط لا يقتل ولا يحد حد الزاني وإنَّما يعزر بالضرب والسجن ونحو ذلك، وهذا قول أبي حنيفة، وقول عند الشَّافعية، وهو قول الظاهرية (٤)، واحتجوا بأن الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - اختلفوا فيه، واختلافهم فيه يدل على أنَّه ليس فيه نص صريح، وأنه من مسائل الاجتهاد، والحدود تدرأ بالشبهات.

والذي يظهر - والله أعلم - هو القول الأول القاضي بأن يقتل مطلقًا إن ثبت إجماع الصحابة الذي حكاه من تقدم ذكرهم، ويكون هذا الإجماع مقويًا للحديث، وإلَّا فالقول الثالث أظهر؛ لأن حديث الباب وحده لا ينتهض على


(١) "أضواء البيان" (٣/ ٤٣).
(٢) "الداء والدواء" ص (٢٤٦).
(٣) رواه البيهقي (٨/ ٢٣٣).
(٤) "شرح فتح القدير" (٥/ ٢٦٢)، "المحلى" (١٣/ ٤٤٨)، "مغني المحتاج" (٤/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>