للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إباحة دم المسلم، والمسألة مرجعها إلى اجتهاد القاضي ونظره.

أما ما استدل به أصحاب القول الثاني من حديث أبي موسى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فقد ضعفه الحافظان الذهبي وابن حجر؛ لأنه من رواية بشر بن الفضل البجلي، وهو مجهول (١)، وفي إسناد البيهقي محمد بن عبد الرحمن المقدسي، كذبه أَبو حاتم، ونقل الذهبي عن الأزدي أن قال: (لا يصح حديثه) (٢).

وأما القياس فهو فاسد الاعتبار؛ لأنه في مقابلة نص، بناء على صحة الحديث واستقامة الاستدلال به.

• الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال: إن من وقع على بهيمة فإنه يقتل بكل حال، وهذا رواية عن أحمد، وقال الشَّافعي: (إن صح الحديث قلت به) وهو ظاهر اختيار ابن القيم (٣).

والقول الثاني: أن حده حد الزاني، وهذا قول الشَّافعي، وقول للمالكية، وهو قول الحسن البصري (٤)، ودليلهم القياس على الزنا بجامع أن كلًّا منهما وطء في فرج محرم ليس فيه شبهة، فيكون حده كالزنى.

والقول الثالث: أنَّه يعزر ولا حد عليه، وهذا مذهب الجمهور، ومنهم أَبو حنيفة، ومالك في المشهور عنه، والشَّافعي في قول له، وأحمد في رواية عنه، قال المرداوي: (هي المذهب وعليها جماهير الأصحاب)، وهو قول إسحاق، والظاهرية (٥).

واستدلوا بأن لم يصح في عقوبته شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعقوبات المقدرة لا بد فيها من دليل ثابت سالم من الاعتراض، ولا دليل هنا ثابت، فلا حد


(١) "الميزان" (١/ ٣٢٤).
(٢) "الجرح والتعديل" (٧/ ٣٢٥)، "المغني في الضعفاء" (٣/ ٣٣٨)، "التلخيص" (٦/ ٢٧٣٨).
(٣) "الداء والدواء" ص (٢٥٧)، "مغني المحتاج" (٤/ ١٤٥)، "الإنصاف" (١٠/ ١٧٨).
(٤) "تبصرة الحكام" (٢/ ٢٥٨)، "المغني" (١٢/ ٣٥٢).
(٥) "بدائع الصنائع" (٧/ ٣٤)، "تبصرة الحكام" (٢/ ٢٥٨)، "مغني المحتاج" (٤/ ١٤٥)، "المغني" (١٢/ ٣٥١)، "الإنصاف" (١٠/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>