و"سنن النسائي": "غرامة مثليه" وهذا من باب التعزير بالمال.
والغرامة: مصدر غَرِمَ من باب (تعب)، وهي ما يلزم أداؤه تأديبًا أو تعويضًا.
قوله:(والعقوبة) هذا لفظ مجمل، وقد ورد في "سنن النسائي": "وجَلَداتُ نكالٍ" فيكون المراد بالعقوبة التعزير لعدم تقديرها.
قوله:(الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء بوزن أمير، موضع تجفف فيه الثمار من التمر والعنب وغيرها، وجمعه جُرُن وأجران، وهو البيدر والمِرْبَد، والمربد لغة أهل نجد.
° الوجه الثالث: دل هذا الحديث على أن آخذ الثمر من تمر أو غيره له ثلاث حالات:
١ - حالة لا شيء فيها، وهي ما إذا أكل بفيه من غير أن يحمل معه شيئًا؛ لأن أصحاب البساتين جرت عادتهم بالسماح في مثل ذلك، والإذن العرفي كالإذن اللفظي.
٢ - وحالة يغرم مِثْلَي ما أخذ، ويؤدب من غير قطع، وهي ما إذا أخذه من شجره وأخرجه؛ لأنه مال الغير أخذه بلا إذنه ولا رضاه، والغالب أن أصحاب البساتين لا يسمحون بمثل هذا التصرف.
٣ - وحالة يقطع فيها، وهي ما إذا أخذ ما يبلغ نصابًا من حرزه الذي جعل فيه.
° الوجه الرابع: الحديث دليل على اعتبار الحرز في السرقة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسقط القطع عمن أخذ الثمار من الشجرة، وأوجبه على سارقه من الجرين، فدل على أن الجرين حرز الثمر.
وهذا الحديث هو عمدة القائلين بشرطية الحرز من السنة النبوية، وهو قول جماهير أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك كابن هبيرة، وابن قدامة (١).